أزمة حبوب عالمية

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

وكأنّ ما كان ينقص العالم، بعد ارتفاع درجات الحرارة، وطبول الحرب التي تقرع في أكثر من منطقة، أن يدخل في دوامة أزمة غذاء عالمية، مع إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تعليق اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، والهجمات المتكررة بطائرات من دون طيار على الموانئ الأوكرانية، رداً على تنفيذ قوات كييف هجمات بالمسيّرات على سفن روسية في البحر الأسود، ما ينذر أننا نقف على أعتاب أزمة حبوب ستصل بأسعارها، إلى ما يفوق قدرات الدول التي كانت بالأصل ترى في ثمنها مغالاة غير مبررة.

الحرب المستعرة نيرانها بين روسيا وأوكرانيا، لا توجد أية مؤشرات على أنها ستضع أوزارها في القريب العاجل، خاصة مع استمرار تدفق السلاح الأمريكي والأوروبي إلى كييف، التي تؤكد موسكو أنها تشنّ حرباً غربية بالوكالة لن تخرج منها منتصرة، بدليل ما تعتبره فشلاً لهجومها المضاد الذي تشنّه على أمل استعادة شيء من أراضيها التي فقدتها، وهو ما يتنافى مع تصريحات الرئيس الأوكراني الذي يؤكد تحقيق جيش بلاده تقدماً بطيئاً ومكاسب جيدة في ظل التحصينات الروسية والاستعدادات الكبيرة التي قامت بها على طول جبهة القتال.

فلاديمير بوتين، الذي يشترط تسهيل تصدير الحبوب والأسمدة الروسية، للعودة للعمل باتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، مُصِرٌّ على منع السفن الأوكرانية من الإبحار في البحر الأسود، مع تعهده، خلال قمة مع قادة أفارقة في سان بطرسبرغ، على استبدال بلاده صادرات الحبوب الأوكرانية إلى إفريقيا، وتوريد الحبوب مجاناً إلى ست دول بالقارة في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر.

هذا الموقف الروسي قابله محاولة أوكرانية لإيجاد ملاذ آمن لتصدير الحبوب بعيداً عن التهديدات الروسية، عبر عدد من الخيارات أبرزها التصدير من موانئ كرواتيا، أو عبر نهر الدانوب، الذي كان يمر فيه ربع صادرات الحبوب الأوكرانية أثناء سريان اتفاق الحبوب، أو عبر رومانيا.

الخيارات الأوكرانية لا تقف عند ذلك؛ بل تأمل بفتح حوار عبر تركيا والأمم المتحدة، لمساعدتها في تأمين ممر الحبوب، وإذا لم ينجح ذلك فلا مفر من طريق بري، للتصدير عبر خطوط سكك حديدية مع دول الجوار، وفي حال لم ينجح ذلك فإنها تهدد بتوجيه ضربات ضد السفن الروسية في البحر كضغط على موسكو، التي بدورها يتهمها الغرب بابتزازه والمراهنة على الأسلحة الهادئة، مثل الغاز والقمح، وتوظيفهما كورقة ضغط؛ لحسم الحرب، واحتكار سوق الحبوب العالمي وإبعاد أوكرانيا.

أزمة الحبوب التي نقف على أعتابها؛ مردها أن الاعتماد على طرق بديلة سيزيد من تكلفة التصدير؛ ما يترتب عليه ارتفاع أسعار الغذاء، خصوصاً مع رفض بعض الدول المجاورة لأوكرانيا مثل بولندا، مرور الصادرات عبر أراضيها لعدم تأثر أسواقها المحلية.

الحرب التي طالت فصولها، تفتح الباب على مصراعيه أمام ضرورة اتخاذ الحكومات والمؤسسات الدولية إجراءات جادة لمواجهة أزمة الحبوب، من خلال التنمية المستدامة واستخدام التكنولوجيا وتعزيز التعاون الدولي، من أجل ضمان الأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية، إذ إن الأزمة الحالية تعتبر واحدة من أكثر التحديات العالمية تعقيداً وتأثيراً على الأمن الغذائي واقتصاديات العديد من الدول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7ac3zyxb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"