عادي

إنزال جوي واجتياح وحرب خاطفة.. سيناريوهات لحرب «إيكواس» في النيجر

20:47 مساء
قراءة 5 دقائق

الشارقة - «الخليج»

تتساقط أوراق السلام التي مدت بها «إيكواس» يدها للعسكريين في النيجر ورقة تلو أخرى، لحل الأزمة المترتبة على عزل الرئيس محمد بازوم، تلك الأوراق التي بدأت بإرسال الوفود الدينية والصديقة ثم الوفود السياسية. وبعودة آخر وفد «لإيكواس» من نيامي بخفي حنين، تتضاءل أمام المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، الخيارات لمصلحة التدخل العسكري لاستعادة نظام الرئيس بازوم، الذي تم عزله في انقلاب عسكري نفذه قائد الحرس الرئاسي عبد الرحمن تيشاني في يوليو/ تموز.

وعلى الرغم من إعلان «إيكواس» استعدادها لدخول النيجر في أي وقت تراه مناسباً، مع تراجح الحلول الدبلوماسية، فإنها تواجه تحديات وطريقاً محفوفاً بالأشواك والعقبات.

ويحمل التدخل العسكري المحتمل ل«إيكواس» في النيجر عدة سيناريوهات مختلفة، حددتها الانقسامات في الآراء والخلافات حول الأزمة.

عقبات

إذا بدأت «إيكواس» زحفها نحو النيجر، فسيصبح لزاماً عليها الوضع في الحسبان مواجهة دول بقيادة مجالس عسكرية انقلابية في إيكواس (مالي والنيجر وغينيا) والتي تعارض هذه العملية؛ بل إن بوركينا فاسو ومالي هددتا بدخول الحرب إلى جانب المجلس العسكري في النيجر.

وأصدرت كلا الدولتين تحت قيادة عسكرية، بياناً لدعم النيجر ضد العملية العسكرية التي خططت لها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لتغيير مسار الانقلاب في النيجر.

وهدد وزير الدفاع في بوركينا فاسو، قاسم كوليبالي، بانسحاب بلاده من المجموعة، وأكد دعمه الكامل للنيجر ضد أي «عدوان».

علاوة على أن، تشاد، الجارة الشرقية للنيجر ليست عضواً في «إيكواس» ولا تدعم العملية العسكرية، خاصة أنها هي الأخرى تحت قيادة مجلس عسكري عطل الدستور.

كما أن الجزائر، التي تمتلك حدوداً تتاخم الحدود الشمالية للنيجر، ترى أن أي تدخل عسكري من شأنه مفاقمة الأوضاع الأمنية في الساحل، وأكد رئيسها، عبد المجيد تبون، أن بلاده «ترفض قطعاً» أي تدخل عسكري في النيجر، وفق ما نقلته رويترز.

وذلك إضافة إلى الانقسامات الدولية التي تشهدها الأزمة منذ اندلعت في يوليو/ تموز؛ حيث تتبنى الولايات المتحدة وفرنسا، القوتان الغربيتان الرئيسيتان المنخرطتان في ملف النيجر مواقف متمايزة.

وما زالت الولايات المتحدة تبحث خياراتها، بينما أبقت في النيجر نحو 1100 جندي يشاركون في مكافحة الإرهاب المرتبط بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين، كما لديها هناك قاعدة للطائرات المسيّرة.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) سابرينا سينغ أنّ النيجر «شريك»، ويجب أن يبقى كذلك. وأضافت: «استثمرنا في قواعد هناك، وقمنا بتدريبات مع القوات المحلية، نريد أن نرى حلاً سلمياً لهذه الديمقراطية».

بينما أظهرت باريس منذ ساعات الأزمة الأولى، رفضها للانقلاب في النيجر، مؤكدة دعمها الكامل للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي قررت تشكيل «قوة احتياط»، لوضع حد للانقلاب في النيجر.

وقال دبلوماسي فرنسي للصحفيين في هذا الصدد: «موقفنا مساند وداعم للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا». وأضاف: «يعود إليها أن تتخذ قراراتها سواء بشأن العقوبات المدنية أو التهديد بتدخل عسكري».

الصورة

سيناريوهات للتدخل العسكري

- دعم من الجيش

يرى خبراء عسكريون أنه يمكن ل«إيكواس» أن تحشد قواتها سواء في نيجيريا أو بنين الحدوديتين مع النيجر؛ حيث أعلنت كوت ديفوار والسنغال إلى جانب نيجيريا وبنين استعدادها للمشاركة في هذه العملية.

ويتوقع أشد المتفائلين بهذا السيناريو أنه بمجرد تحرك القوات نحو نيامي، فإن الانقلابيين سيفرون من أمامهم، وأن انقلاباً ثانياً من قيادة المجلس العسكري سيطيح عبد الرحمن تيشاني، ويفسح المجال لعودة بازوم إلى الحكم، أو إلى مرحلة انتقالية قصيرة بتنسيق مع «إيكواس» تنتهي بانتخابات رئاسية سريعة.

ويضع المحللون أعمدة هذا السيناريو، بناء على أن قادة الجيش ليست لهم مواقف ضد بازوم، وإنما دعموا انقلاب قائد الحرس الرئاسي؛ لتجنب إراقة الدماء.

وإذا تدخلت «إيكواس» واشتبكت مع الحرس الرئاسي، فإن قادة الجيش حينها سيتخلون عن دعم تيشاني، وبالتالي سينهار الانقلاب سريعاً وبأقل قدر من الخسائر.

ويمكن للقوات الفرنسية المتمركزة في نيامي التحرك لدعم قوات «إيكواس» وتحرير بازوم، لتفادي سيناريو اغتياله، مثلما سبق لها وأن تدخلت عسكرياً في كوت ديفوار في 2011، بعدما رفض الرئيس لوران غباغبو تسليم السلطة للحسن وتارا، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في ديسمبر/ كانون الأول 2010.

الصورة

- إنزال جوي

كما يشير المتوقعون إلى أن إنزالاً جوياً وإقامة جسر طيران عسكري، سيساعد في احتلال مطار العاصمة نيامي وبقية المطارات الأخرى، ومن ثم التحرك نحو المؤسسات الحيوية والأساسية؛ وفي مقدمتها: القصر الرئاسي، والبرلمان، وصولاً إلى تحرير محمد بازوم، واستعادة الحكم المدني في البلاد.

ولكن هذا السيناريو يواجه مشكلات يمكن أن تؤدي إلى فشله؛ حيث إن النيجر عززت أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها، خلال العقد المنصرم في سياق حربها ضد الإرهاب، وضمن تعاونها مع القوى الغربية، وفي مقدمتها: الولايات المتحدة وفرنسا.

كما أن هذا السيناريو بحسب المحللين، يمكن أن يتيح للعسكرين في النيجر، التخفي وراء المدنيين، وتحويلهم إلى دروع بشرية، وتمنع «إيكواس» من قصف هذه الأهداف الأساسية، ويمكن أن يفعل المدنيون ذلك من خلال السيطرة على مدارج المطار، بتحويلها إلى ساحة احتجاج مدني، وحشد آلاف المتظاهرين فيها، وهو ما سيجعل قصفه مستحيلاً بشكل كامل.

وإضافة إلى ذلك، المقاومة الشرسة التي ستواجه فرق الإنزال؛ حيث إن الحرس الجمهوري الذي أطاح الرئيس بازوم ويقود زعيمه البلد حالياً، ويتألف من 700 عنصر، هو حجر الزاوية ومحور المقاومة في هذه الحالة، خلافاً للتدخل البري.

الصورة

- اجتياح بري

ومن أصعب السيناريوهات التي طرحها المحللون لحرب «إيكواس» في النيجر، أن تقوم المجموعة بعملية اجتياح بري شاملة، وهو سيناريو خطر من الناحية العملية؛ حيث يتوجب على جيوش «إيكواس» أن تعبر من نيجيريا أو من بنين فقط في ظل رفض الجزائر أي تدخل، وهو ما سيفرض على هذه الجيوش أن تنتقل بالكامل لمسافات تتجاوز مئات الكيلومترات.

وتبعد الحدود النيجيرية عن نيامي نحو 270 كيلومتراً، بينما تصل المسافة بين العاصمتين أبوجا (نيجيريا)، ونيامي (النيجر) إلى نحو 750 كيلومتراً.

وما يصعب هذا السيناريو أكثر هو تعداد الجيوش التي يتوقع أنها ستتجاوز الآلاف، والذي سيفرض عليها جهداً أكبر لنقل العتاد العسكري والمعدات وجميع القدرات المطلوبة في الحرب، إضافة إلى المقاومة العسكرية والهجمات الإرهابية من الجماعات المنتشرة في غرب إفريقيا، وكذلك احتمالية أن ينفذ الجيش النيجري نفسه كمائن وأفخاخاً ستؤدي إلى مقتل أعداد هائلة في ظل احتشاد الجند.

تدخلات «إيكواس» السابقة

وفي عام 1981 أقرّت المجموعة الاقتصادية «ميثاق دفاع إيكواس» الذي حدّد مجموعة حالات تتيح التدخل العسكري، وهو ما جرى توسيعه ضمن بروتوكول أقرّ آلية لمنع وإدارة وتسوية الصراعات في دول المنظمة عام 1999، مجيزاً التدخل، لمواجهة حالات منها إطاحة حكومة منتخبة.

وشهد عام 1990 التدخل العسكري الأول للمنظمة؛ حيث أُرسلت قوة إلى ليبيريا، للتدخل في الحرب الأهلية بين قوات الرئيس الأسبق صمويل دو، وفصيلين متمردين، وانتهت مهمة القوات عام 1999 بعد انتخاب زعيم المتمردين السابق تشارلز تيلور رئيساً.

وتدخلت «إيكواس» في سيراليون عام 1998؛ بهدف طرد مجلس عسكري وحلفاء متمردين من العاصمة فريتاون، وإعادة الرئيس أحمد تيجان كباح الذي أُطيح في الانقلاب.

وفي العام الذي يليه أرسلت المنظمة المئات من جنودها، لمراقبة تطبيق اتفاق سلام في غينيا بيساو، وهو تدخل تكرّر مرّة أخرى بين عامَي 2012 و2020، للمساعدة في ردع الجيش عن التدخل في السياسة، وحماية القادة السياسيين بعد وقوع انقلاب عسكري في البلاد.

وفي عام 2003، أُرسلت قوة من «إيكواس» إلى ساحل العاج، لمساعدة القوات الفرنسية في مراقبة اتفاق سلام هش بين فصيلين متناحرين؛ حيث أدّى الصراع بينهما إلى تقسيم البلاد.

أما في عام 2013، أرسلت «إيكواس» جنوداً إلى مالي؛ بهدف طرد المقاتلين المرتبطين بتنظيم «القاعدة» الإرهابي من الشمال.

وكان التدخل الأخير للمنظمة عام 2017 في غامبيا؛ حيث أرسلت 7 آلاف جندي، لدفع الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع، إلى التنازل عن الرئاسة لأداما بارو الفائز في الانتخابات، فيما سُميت «عملية استعادة الديمقراطية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4c6kzpac

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"