عادي
بروفايل

روبرت كينيدي.. «الطريق الثالث»

01:23 صباحا
قراءة 4 دقائق
روبرت كينيدي

د. أيمن سمير*

الاغتيال كان مصير عمّه «الرئيس»، والقتل بالرصاص كان نهاية أبيه «المدعي العام»، مآسي عائلته لا تنتهي، فمنهم من قتل، ومنهم من غرق، والبعض منهم مات من قسوة المرض، كل هذا لم يحرك شعرة واحدة في رأسه، هناك إجماع في الوقت الحالي بأن فرصته في دخول البيت الأبيض ضعيفة، وأسهمه في استطلاعات الرأي ضئيلة، لأنه لا يحصل إلا على 15 % من دعم أنصار الحزب الديمقراطي، لكن كل هذا لم يُثنِه أو يقلل من عزيمته في الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية، ديمقراطي وليبرالي حتى النخاع، لكن مقاربته السياسة في الداخل والخارج تختلف كثيراً مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ترتيبه الثالث بين إخوته الأحد عشر، يؤمن بنظرية المؤامرة، ليس فقط في قتل أبيه السيناتور وعمه الرئيس، بل حول كل اللقاحات والأمصال التي يراها خدعة ووسيلة للسيطرة على الدول والشعوب، وأنها السبب الرئيسي في كل أمراض التوحد، جاب العالم للدفاع عن البيئة وحقوق الشعوب الأصلية، ولهذا يطلقون عليه لقب «حارس النهر» لأنه يدعو دائماً لحماية الممرات المائية، صديق وقريب جداً من الفقراء والمجموعات المستضعفة في أمريكا والعالم، ودائماً ما يقول إن المجمعات والدول الفقيرة هي التي تدفع «الفاتورة الأكبر» للتغير المناخي، صاحب نظرية تقول إن مجد وعظمة أمريكا تأتي من الخارج، لأن الولايات المتحدة لا تمثل إلا 5 % فقط من سكان العالم، لكن تجارتها وعلاقاتها مع 95 % الآخرين هي سبب الرخاء الأمريكي، يعتقد البعض أنه «متمرد» على الحزب الديمقراطي، ويراه جناح من الجمهوريين أنه جمهوري في كثير من الملفات والقضايا الداخلية والخارجية.

إنه روبرت كينيدي جونيور، ابن أخ الرئيس الأمريكي الخامس والثلاثين جون إف كينيدي، الذي جرى اغتياله عام 1963، وروبرت هو ابن المدعي العام الأمريكي الأسبق روبرت كينيدي الذي قُتل أيضاً عندما كان لدى روبرت الصغير 14 عاماً، لكن روبرت أعلن ترشُّحه رسمياً عن الحزب الديمقراطي الأمريكي.

صدم روبرت كينيدي الصغير العالم والشعب الأمريكي عندما قال إنه يعتقد بأن «المخابرات الأمريكية» هي التي قتلت عمّه الرئيس جون كينيدي عندما كان روبرت لا يتجاوز 5 سنوات، وما يزال يطالب روبرت كينيدي من الرئيس جو بايدن بالإفراج عن الوثائق السرية التي مر عليها 50 عاماً حول الأطراف والشخصيات التي تورطت في في قتل أبيه وعمه.

قوي مثل الفولاذ

ربما لم تمر عائلة في العالم بمثل ما مرت به عائلة كينيدي من مآسٍ وظروف قاسية، ولم تعرف ولاية ماساتشوستس عائلة عانت نوائب الدهر كما هي عائلة المرشح الرئاسي روبرت كينيدي الابن، وهو خير شاهد على قوته الفولاذية، بالإضافة إلى مقتل عمه واغتيال أبيه، توفيت سويرس كينيدي هيل عام 2019، وهي حفيدة المرشح الديمقراطي للرئاسة في انتخابات عام 1968، وفي عام 1999 مات جون كينيدي جونيور، وزوجته كارولين، وشقيقة زوجته بعد تحطم طائرتهم في البحرقبالة ماساتشوستس، كما مات أولاد الرئيس جون كيندي مايكل وديفيد، فمات أولاً ديفيد بسبب جرعة زائدة من المخدرات، ثم مات الثاني مايكل عام 1997 في حادث تزلج، وقبل كل ذلك وفي عام 1944 قتل جون كينيدي في قصف ألمانيا النازية لفرنسا، وبعدها بنحو 4 سنوات أي عام 1948 توفيت الأخت كاثلين كينيدي في حادث تحطم طائرة.

على غرار الرئيس دونالد ترامب يعتقد روبرت كينيدي الابن أن الصراع في أوكرانيا يمكن أن ينتهي بسرعة إذا توقفت المساعدات العسكرية الأمريكية لكييف، كما لا يتخذ موقفاً حاداً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووصل به الحال لاتّهام المخابرات الأمريكية بالسعي لنشر الأمراض في روسيا عبر افتتاح عدد من مراكز الأبحاث البيولوجية في أوكرانيا، وهي رواية روسية بامتياز ظلت الولايات المتحدة تنفيها على مدار السنوات الماضية، لكن شجاعة روبرت كينيدي الابن عن الصراع الروسي الأوكراني وتقديم «مقاربة جديدة» تختلف عن مقاربة الديمقراطيين يراها البعض «رؤية مبدعة»، وتوفر للحزب الديمقراطي مساحة أوسع من المناورة في مسار العلاقة مع روسيا، وهو ما يعني أن يكون روبرت كينيدي جسر لحل الصراع الأوكراني الروسي سواء قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2024.

لا بايدن.. لا ترامب

يرى كينيدي في نفسه المرشح الذي يمثل «الطريق الثالث»، بعيداً عن ثنائية «بايدن - ترامب»، ورغم أن كينيدي يراهن في المقام الأول لاختياره عن الحزب الديمقراطي حال عجز الرئيس بايدن على استكمال المشوار لما بعد 2024، إلا أن المدقق في رؤية واستراتيجية روبرت كينيدي الابن في الوصول إلى البيت الأول يتأكد له أنه يراهن على استطلاعات الرأي التي تفيد بأن الشارع الأمريكي يميل باطراد إلى مرشح ثالث، أو مرشح مستقبل، بعيداً عن من يتصدرون استطلاعات الرأي في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، خاصة في ظل ما يعانيه الرئيس بايدن من متاعب صحية، كما أن المنافس الآخر دونالد ترامب يصعب عليه من وجهة نظر الكثيرين أن يتجاوز كل العواقب القانونية التي تنتظره، ولهذا ترى حملة كينيدي الذي يقترب من 70 عاماً، ودرس في كلية لندن للاقتصاد وجامعة هارفارد، ترى أنه يمثل«المرشح المثالي» الذي يبحث عنه غالبية الشعب الأمريكي، فغالبية استطلاعات الرأي الأخيرة التي جرت في يوليو وأغسطس قالت بوضوح إن نحو 47 % من الأمريكيين يأملون في مرشح آخر غير ترامب وبايدن، وهذه النسبة مرشحة للزيادة خلال الشهور القادمة مع تكرار مشاكل بايدن الصحية ومشاكل ترامب القانونية.

السؤال الذي يطرحه الكثيرون هل ينصف الدهر روبرت كينيدي الصغير بعد كل النوائب والمآسي التي عاشتها عائلة كينيدي ؟

* [email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3wxw8drw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"