عادي

ريم الكمالي.. تجريب السرد من مقاعد الأمنيات

23:34 مساء
قراءة دقيقتين
ريم الكمالي

الشارقة: أشرف إبراهيم

ريم الكمالي روائية مسكونة بعطر الخيال، يجرها أرق السؤال إلى أزمنة في السرد مغايرة تأخذها بعيداً عن العادي والمألوف، فهي تعشق المغامرة، ورواياتها بروائحها المعتقة النفاذة مثرية للذوق العام، ما يجعل مشروعها السردي متنامياً في عالم الراوية، فهي لا تستريح في دروبها الأدبية عند قصد أو غاية بقدر ما تبحث عن ضوء غامر يحتضن تجاربها وخبراتها الجمالية بعفوية وصدق، فقد طفت رواياتها الثلاث «سلطنة هرمز، تمثال دلما، يوميات روز» على سطح الحياة الثقافية برسالة إنسانية، أضاءت في جوهر الوجود على معاناة خلّاقة تستحق التأمل والاستغراق في تفسير جدليات الكتابة لديها، ومن ثم فك شفرات نصوصها التي تحظى بمستوى سردي فائق على صعيدي اللغة والمضمون، فهي لا تغتر بما يكتب عنها بقدر النظر لكفاءتها الفنية، وقدرتها على تمثيل بواعث التاريخ التي برعت في مزجه بالواقعي والخيالي ضمن مفارقاتها الإبداعية.

وإذا كانت ريم الكمالي استطاعت أن تعطر الطرقات المتربة في كتاباتها السابقة بإضفاء حمولة ثقافية على شخصيات أبطال رواياتها الثلاث المنشورة - الذين استدعتهم من ذاكرة مصقولة بالعلم والفكر والإبداع بأصواتهم العابرة - فإنها تحاول في رحلتها الجديدة مع عملها الروائي الذي تختبر فيه لوناً آخر من السرد المكثف بأشكاله الرمزية والمجازية وشذراته التاريخية أن تتناول ظواهر مختلفة في شخصية البطلة التي تعيش بين زمنين، الأول يبدأ من نهايات القرن التاسع عشر، والثاني في الألفية التي نعيش أثقالها وتجاربها المركبة في كل مناحي الحياة، فالراوية توجد علاقة جدلية بين أحداث تاريخية وبوح جمالي تعتمد فيه على بدائل أخرى غير عصية عليها وهي تمارس السرد الذي تعرف كيف توجهه بعناية وإتقان في الناحية التي تحب وترغب، فهي كما أوضحت عن هذه التجربة السردية الجديدة: تظل وفية لإيقاعات ذاكرتها الإبداعية، وما تزدحم به روحها من أسرار غامضة وهي تشعل بؤرة السرد لتمنح الرواية تمامها وكمالها؛ حيث تتتبع جريان اللغة المنتقاة الهادرة في روحها، لتحافظ على أعلى درجات التأويل، وهي تجر عربة التاريخ من أجل أن تعثر بطلة الرواية على كنز ثمين حينما تدور ساعة الزمن المعطلة بعد رحلة بحث واستقصاء، هكذا تستريح ريم الكمالي على ضفاف وفضاءات السرد الذي تحبه من دون الكشف عن تفاصيل الرواية التي تستكملها في هذه الأيام ضمن مشروعاتها الأدبية التي تعبر عن رغبتها في تحقيق أحلامها المستحيلة؛ إذ تتساءل بعفوية عن المجهول القادم بعد أن يقدم الأديب تجاربه على مقعد الأمنيات، وماذا يستحق بعد عناء الكتابة وهي تمر بين أيدي القرّاء والنقاد، بخاصة أنها تتمنى أن تتوفر لها جهات تسهم في ترجمة أعمالها للغات أخرى حية، لتعبر إلى الآخر بشكل مشروع ومدبر بعناية وجمال.

فقد استحضرت على سبيل المثال قي رواية «يوميات روز» أحزاناً كاملة لفتاة نثرها العناد بعيداً عن أمنياتها، لكن البطلة استردت عافيتها بالاستغراق في فاتنازيا جعلتها تطوف بالوجوه والأمكنة التي أفلتتها في النهاية من عقاب لا تستحقه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/52uz6eh3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"