تجارة القرن الحادي والعشرين

21:58 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *

وقّعت الولايات المتحدة وتايوان اتفاقاً تجارياً عالي المستوى في أرلينجتون بولاية فيرجينيا الأمريكية. في إطار اتفاق «مبادرة الولايات المتحدة وتايوان للتجارة في القرن الحادي والعشرين» الذي كشفت واشنطن وتايبيه عنه في يونيو العام الماضي وبعده بدأت مفاوضات مكثفة بين البلدين للوصول إلى اتفاق تجاري من خلال هذه المبادرة. بضغط متواصل من مجلسي الكونجرس الذي دعا علانية وعبر زيارات متتالية لأعضائه إلى تايوان وأبرزها زيارة رئيسة مجلس النواب الديمقراطية (آنذاك) نانسي بيلوسي للجزيرة في أغسطس 2022، ولقاء رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي في كاليفورنيا، مع رئيسة الوزراء التايوانية في إبريل 2023 - إلى تعميق العلاقات الاقتصادية مع تايوان، وخصوصاً من خلال الدفع باتجاه اتفاق تجارة حرة عالي الجودة بين الولايات المتحدة وتايوان. ويربط «إطار» للتجارة والاستثمارات منذ 1994 بين الولايات المتحدة وتايوان. وانضمت تايبيه أيضاً إلى منظمة التجارة العالمية في 2002، مما ساهم في نمو التجارة الثنائية. ويهدف الاتفاق إلى تعزيز التجارة من خلال تبسيط عمليات التدقيق الجمركية، وتصدير مزيد من المنتجات الأمريكية إلى تايوان«مع تبني إجراءات تنظيمية أكثر شفافية وانسيابية يمكن أن تسهل الاستثمار والفرص الاقتصادية في السوقين خصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. مع وضع تدابير لمكافحة الفساد بين الولايات المتحدة وجزيرة تايوان»، التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها. ولا تقيم واشنطن وتايبيه علاقات دبلوماسية رسمية، حيث نقلت واشنطن اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين في عام 1979. لكنهما تبقيان على علاقات غير رسمية عبر«المعهد الأمريكي في تايوان»، والذي يُعتبر بمثابة السفارة الأمريكية في الجزيرة.

واللافت حضور نائبة الممثل التجاري الأمريكي سارة بيانكي حفل التوقيع. وتعتبر واشنطن ثاني أكبر شريك تجاري للجزيرة. التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على التجارة العالمية، حيث تمثل الصادرات ما يقرب من 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وتحتل تايوان (عدد سكانها 23.4 مليون) المرتبة ال 21 من حيث أكبر الاقتصادات في العالم، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لعام 2021، 759.1 مليار دولار. ويصنف المنتدى الاقتصادي العالمي تايوان في المرتبة الثانية عشرة بين أكثر الاقتصادات تنافسية في العالم. وتحتل تايوان المرتبة العاشرة في قائمة الشركاء الاقتصاديين للولايات المتحدة الأمريكية بتبادلات تجارية وصلت قيمتها إلى 85 مليار دولار. لكن ذلك الرقم لا يمكن مقارنته بقيمة العمليات التجارية بين الصين والولايات المتحدة التي تخطت قيمتها 635 مليار دولار.

ويمكن إبداء بعض الملاحظات الهامة بشأن ذلك الاتفاق:

أولاً: يعتبر الاتفاق بالنسبة لتايوان «الأكثر شمولاً»، الذي يوقّع مع واشنطن منذ 1979، وعدّته بمثابة منعطف تاريخي، ويمثل أيضاً بداية جديدة نحو التحرك نحو اتفاقية تجارة حرة شاملة وقوية وعالية المستوى مع الولايات المتحدة، تُعالج التحديات الاقتصادية الملحّة في القرن الحادي والعشرين». وسيسهم في تعميق الشراكة التجارية وتحسين التدفق التجاري بين الولايات المتحدة وتايوان لتعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي الشامل للعمال والشركات.

ثانياً: يعتبر الاتفاق تعبيراً عن الأهمية التي توليها واشنطن لتايوان التي تقع في موقع مركزي على خريطة العالم، حيث إنها أكبر حاجز بري يفصل بين اليابان والفلبين، كما أنها تمثل بالنسبة للولايات المتحدة أحد الأساليب الدقيقة لتحجيم النمو المتزايد للتنين الصيني،

ثالثاً: وبنفس المنطق أنشأت الولايات المتحدة الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ من الدول الآسيوية الليبرالية، بهدف تعزيز التعاون مع الدول الحليفة معها في تلك المنطقة، في سلاسل التوريد والبنية التحتية، وكذلك كبح التأثير الاقتصادي الصيني المتزايد هناك.

* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3bcradk7

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"