عادي

بعد 559 يوماً على انطلاق الحرب.. كيف تؤمن روسيا وأوكرانيا الإمدادات العسكرية ؟

15:29 مساء
قراءة 4 دقائق

«الخليج» - متابعات

في حرب طويلة الأمد، لم يُكشف عن الوقت الذي ستضع فيه أوزارها حتى الآن، بات لزاماً على روسيا وأوكرانيا الدولتين الواقعتين في شرق أوروبا، والمتناحرتين في حرب أكملت 559 يوماً، إعادة ترتيب أوراقهما العسكرية والبحث عن مخزونات الإمداد العسكري، لتغذية آلة الحرب، وتعويض تراجع المخزون في الترسانات وقواعد التخزين بالمناطق العسكرية.

وتعتبر قضية تأمين الذخائر والقذائف المدفعية والصواريخ بمختلف أنواعها حاسمة في تحديد مسار أي الحرب.

وأثار البيت الأبيض الثلاثاء جدلية موضوع التخزين والإمداد العسكري بالنسبة للجانب الروسي، حيث قال إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون سيسافر إلى روسيا هذا الشهر للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين ومناقشة إمكانية إمداد الكرملين بالأسلحة للحرب في أوكرانيا.

ومن المتوقع أن يسافر كيم، الذي نادراً ما يغادر العاصمة بيونغ يانغ، إلى الساحل الروسي على المحيط الهادئ بقطار مدرع، وفقاً لما ذكرته الاستخبارات الأمريكية في صحيفة "نيويورك تايمز".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن تفاصيل الاجتماع المتوقع بين الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الروسي، لا تزال غير واضحة، مرجحاً أن يعقد في مدينة فلاديفوستوك الساحلية الروسية، نظراً لقربها من كوريا الشمالية.

  • محادثات سرية

وكان البيت الأبيض أعلن الأسبوع الماضي أنّ موسكو تُجري سرّاً محادثات حثيثة مع بيونغ يانغ للحصول منها على كمّيات من الذخائر والإمدادات اللازمة لحربها في أوكرانيا.

وقالت المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون: «كما سبق لنا وأن حذّرنا علانية، فإنّ مفاوضات الأسلحة بين روسيا كوريا الشمالية تتقدّم بشكل حثيث».

وأضافت: «لدينا معلومات مفادها أنّ كيم جونغ أون يتوقّع أن تتواصل هذه المحادثات لتشمل حواراً دبلوماسياً في روسيا على مستوى القادة».

وفي مطلع الشهر الماضي، نقلت وكالة الأناضول عن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، قوله إن معلومات استخباراتية أمريكية تشير إلى أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ناشد بيونغ يانغ خلال زيارته في يوليو/ تموز الماضي تزويد بلاده بذخيرة مدفعية.

وقال كيربي إن زيارة شويغو لكوريا الشمالية أعقبها تبادل رسائل بين بوتين وكيم جونغ أون تعهدا فيها بزيادة التعاون بين بلديهما، مشيراً إلى أن روسيا تسعى للحصول على كميات كبيرة وأنواع متعددة من الذخائر لاستخدامها في حربها بأوكرانيا.

وكانت الولايات المتحدة قد حذرت من قبل من أن كوريا الشمالية قد تقدم مزيداً من الأسلحة لروسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، كما فرضت واشنطن، في وقت سابق هذا الشهر، عقوبات على ثلاثة كيانات تتهمها بأنها ذات صلة باتفاقات أسلحة بين كوريا الشمالية وروسيا.

  • لماذا تلجأ روسيا إلي بيونغ يانغ

وأشار محللون عسكريون إلى أن روسيا منذ اندلاع الحرب بينها وبين أوكرانيا كانت تعتمد على الأسلحة من الشركاء القريبين منها، للتغلب على عجزها في التسلح، وأرسلت بيلاروسيا على سبيل المثال أكثر من 100 ألف طن من الذخيرة إلى روسيا في السنة الأولى من الحرب.

وأوضحوا أن العقوبات أثرت في مخزونات روسيا من مكونات الطائرات المسيرة والذخائر الدقيقة، ما جعلها تلجأ إلى شركائها في العالم لتعويض العجز، وتلبية احتياجات الكرملين خلال حربه المستمرة.

ووفقاً لتحليل مفتوح المصدر أجراه موقع أوريكس الهولندي، فإن روسيا فقدت ما يقدر بنحو 10600 قطعة من معداتها العسكرية، بما في ذلك أكثر من ألفي دبابة منذ انطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

  • تضاعف إنتاج الذخيرة

وتواصل روسيا سد فجوة العجز في مخزون سلاحها، حيث توظّف روسيا جميع إمكاناتها الصناعية والمالية من أجل زيادة إنتاج الأسلحة والذخائر لمواصلة الحرب على أوكرانيا.

وقالت وكالة «روستيخ» المسؤولة عن قطاع التصنيع العسكري والتقنيات إن إنتاج الذخيرة في روسيا وصل إلى مستوى حالة الحرب، مشيرة إلى أنّ إنتاج أنواع معينة من الذخيرة تضاعف مرات عدة.

ومع التقارير الإعلامية والميدانية عن وجود نقص في الذخيرة والصواريخ، وجّه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في مارس/ آذار، بزيادة إنتاج الصواريخ والقذائف الموجهة بدقة. وأثناء جولة على مصنع لإنتاج الصواريخ التكتيكية قرب موسكو أشار شويغو إلى أن المصنع يفي بشكل كافٍ بأمر الدفاع الحكومي، إلا أنه أصدر تعليماته بمضاعفة إنتاج الأسلحة العالية الدقة.

  • الغرب سئم

وفي المقابل وعقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تزايد اهتمام الدول الغربية بتطوير ترسانتها العسكرية، ورفع حجم ميزانياتها المخصصة للدفاع، في سبيل خلق توازن للقوى بين المتناحرين في القارة الأوروبية من خلال تقديم مزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا التي حصلت بدروها على تعهدات عديدة من جانب حلف «الناتو» بتقديم الدعم الذي يؤهلها لمواجهة الدب الروسي.

ومع تراجع روسيا في المد العسكري لقواتها يبدو أن الجانب الغربي أيضاً عاجز عن تأمين كميات الأسلحة والذخائر اللازمة للجيش الأوكراني، ويركز على تدريب الأوكرانيين على تقنين وترشيد استخدام القذائف المدفعية والصاروخية.

وقال الخبير العسكري البريطاني، شون بيل، في هذا الصدد إن الغرب سئم الصراع العسكري في أوكرانيا، موضحاً أن إمداد الغرب أوكرانيا بالأسلحة يزداد صعوبة أكثر فأكثر، كما أن المخاطر والتكاليف آخذة في الازدياد.

وتابع: بدأ إرهاق الحرب يظهر تدريجياً، ونرى كيف بدأت تظهر الآن بعض الحقائق وبعض الصعوبات.

  • الحرب تفرغ مخزون الأسلحة الغربية

ومنذ بدء الحرب، أصبحت دول مصدّرة للأسلحة تعاني نقصاً في راجمات الصواريخ وأسلحة أخرى، كما أن دولاً مثل ألمانيا وغيرها تبذل جهداً كبيراً من أجل توفير الدبابات المطلوبة.

وفي أوروبا الشرقية، وجدت دول كثيرة نفسها مضطرة لإعادة تعزيز مخزوناتها على عجل، بعدما أرسلت أسلحة سوفييتية كانت بحوزتها إلى أوكرانيا.

ويتفاقم هذا المأزق أكثر، بينما تشير تقديرات خبراء عسكريين إلى أن إعادة إنتاج ما استنزفته الحرب في أوكرانيا ربما يحتاج إلى سنوات بالنسبة لبعض الأسلحة، في حين تحتاج الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، إلى أن تكون على أهبة الاستعداد لخوض المواجهة العسكرية في أي لحظة، نظراً للتحديات الاستراتيجية المحدقة، كما هو الحال في التوتر مع الصين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5hapxz9p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"