التربية قبل التعليم

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

من أسمى التعاملات الإنسانية التي تربط الأشخاص في أي مجتمع، تلك التي تجمع الطالب والمعلم؛ فالأول يُعد المستقبل القادم، والثاني يبني سواعد المستقبل القريب؛ وهما وجهان لعملة واحده، ويشكل الاحترام والتقدير بينهما ركيزة أساسية لمهمة غير تقليدية؛ وإذا فقدنا صفة الاحترام أو سمة التقدير، انهارت منظومة القيم.
نؤيد الآراء التي ترفض «لغة العصا» في تربية وتعليم الأبناء في المدارس؛ والحمد لله القوانين واللوائح التربوية، منعت وجودها في المجتمع المدرسي، ووضعت ضوابط وإجراءات تمنع المعلمين والإدارات من مجرد التفكير في استخدام العقاب بالعصا.
ولكن السؤال هنا، من يحم المعلمين من التجاوزات التي يرتكبها الطلاب؟ إذ تتعدد أشكالها وصورها، فهناك من يتحدث بصوت مرتفع، ويتجاهل التعليمات، وهناك الاعتداء اللفظي أو الجسدي، وتقليل الاحترام العام للمعلمين، والسخرية وغيرها، وجميعها تعكس سلوكاً غير مقبول، وتعرقل عملية التعلم وتؤثر في الطلاب الآخرين الذين يحاولون التركيز والاستفادة من ساعات التدريس.
وعلى الرغم من وجود لائحة السلوك التي صنفت المخالفات، وأرفقت معها العقوبات التي تبدأ بتعهد ولي الأمر، وتصل إلى الإيقاف المؤقت عن الدراسة لمدة محددة بحسب المخالفة؛ مازال لدينا في الميدان التربوي سلوكيات طلابية مرفوضة، وتحتاج إلى أكثر من لائحة، لاسيما أنها تعد مشكلة حقيقية تؤثر في العملية التعليمية، فعندما يقوم الطلاب بتجاوز حقوق المعلمين، يتأثر الجو المدرسي، ويتراجع مستوى التعلم والتفاعل بين الطلاب والمعلمين.
لا يجوز أن يسب الطالب معلمه، ومن غير المقبول أن تتجاهل طالبة معلمتها تحت أي سبب من الأسباب؛ إذ إن لرسل العلم مكانة مرموقة في المجتمعات، وفي أيديهم مفاتيح بناء سواعد المستقبل، ومهمة الطالب الوحيدة تكمن في تلقيه العلوم والمعارف، ليكون جزءاً فاعلاً في خدمة الوطن، ولا حقوق له في الاعتداء أو التجاوز مع معلمه.
أحزنني عند زيارة إحدى المدارس الخاصة، أن أجد لجنة تم تشكيلها لتحقق وتبحث وتتقصى في واقعة اعتداء طالبة لفظياً ومعنوياً على معلمتها، في أسوء صورة يظهر فيها المتعلم، لنسأل مجدداً، أين دور الوالدين في تربية أبنائهم ومنع تجاوزاتهم، وتعزيز الاحترام والتقدير فيهم بالقيم الأخلاقية والسلوك الحضاري؟.
تحشد الجهود والطاقات من أجل تعليم وإعداد الطلبة؛ والمدارس ما هي إلا حاضنات لبناء الأجيال؛ وسلوكيات الطلبة غير المعتدلة وتجاوزاتهم مع المعلمين مسؤولية يتحملها ولي الأمر منفرداً، إذ إن أصول التربية تبدأ من البيت، وبدون تربية لا يوجد تعليم، فعلى أولياء أمور بعض الطلبة إعادة النظر في طرق تربية أبنائهم وتقويمهم أخلاقياً وسلوكياً، فالجهود التعليمية لن تفلح في تعديل سلوكيات الطلبة، إلا بيقظة الأهالي. 
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zt8nebk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"