الدين والمناخ

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

لا يمكن قراءة المبادرة إلى عقد قمة عالمية لقادة الأديان، قبل انطلاق المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب 28» الذي تستضيفه الإمارات من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين، بعيداً عن رهان الإمارات على إحراز تقدم في هذه القضية الملحة.

  ومع كثرة المؤتمرات أو المناسبات التي كان فيها التغير المناخي وتداعياته محور النقاش، ربما لم ينتبه أحد إلى حتمية الاستماع إلى صوت الدين في ظل انصرف الانتباه إلى خطابات الساسة والعلماء والخبراء والقضايا الفنية، وكلها، على أهميتها، لم تفض حتى الآن إلى نتائج جادة تضمن الالتزام بتنفيذ التعهدات والاشتراك في كلفتها.

 وتشي الجهود التي تبذلها الإمارات والاجتماعات التحضيرية لمؤتمر «كوب 28» بعزم الإمارات على أن تكون هذه النسخة استثنائية، كما سبق القول، للانتقال المسؤول من مرحلة التعهدات التي طالت، إلى آفاق العمل السياسي المشترك والملتزم بإنجاز حقيقي، يحمي موارد الكوكب وسكانه.

  ولا شك في أن قمة قادة الأديان التي يرعاها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أبوظبي يومي 6 و7 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل تمثل التفاتة مهمة في ملف المناخ، خاصة أنها تجمع عدداً كبيراً من أبرز القادة والرموز الدينيين من جميع أنحاء العالم.

  وانعقاد هذه القمة قبل أن يحتشد في «كوب 28» تمثيل رفيع لكل المعنيين بالقضية، مساحة للتأسيس لبُعد أخلاقي يجب أن يمثل إحدى ركائز تداول القضايا الفنية والسياسية والتمويلية المتعلقة بملف تداعيات المناخ.

  هذا البعد الأخلاقي ربما يكون قطعاً لطريق الاستغراق في مناكفات سياسية أو تفاصيل علمية، ورادعاً لأية محاولات لتضييع فرصة جديدة توفرها الإمارات بحرص ومسؤولية للخروج بإجماع على حتمية البدء الفوري في التعامل مع الملف المهم لكل دول العالم.

  لعل في قمة الأديان، وفيما ستضمه من رموز ومناقشات، رسالة للساسة مفادها بأن آثار التداعيات المناخية بلغت تهديداً للنفس البشرية في جهات العالم كافة، بما تحمله من صور هلاك، تنافس في نتائجها حصيلة الحروب، فضلاً عن أن هذه الآثار تبدد مقدرات الأرض وتحرم منها الإنسان في الحاضر والمستقبل.

  هذه الرسالة حين تصوغها الرموز الدينية ترّتب على الساسة، بلا شك، مسؤولية أخلاقية يؤمل أن تكون أحد البواعث على العمل الجدي في قضية المناخ، باعتبارها متعلقة بمصير الإنسان، أعظم الثروات، وما منحه الله من موارد سيحاسب عن أوجه استغلالها، وكذلك على تحقيق العدالة المناخية التي تدفع الجزء الأكبر من ضريبة غيابها شعوب الجنوب.

  ولعل القمة تكون بداية لانخراط المؤسسات الدينية وممثليها في العمل المناخي، بما ينطوي عليه ذلك من جهود في التوعية، وقيادة أية مبادرات في هذا الشأن على مستوى المجتمعات أو الأقاليم، وبالتالي تتعزز الإسهامات وتتنوع في مواجهة التداعيات المتلاحقة لتغير المناخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc8padzn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"