إطار عالمي أعاد تصنيع نظارات آدم سميث

21:22 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم محمود حنفي *

في عام 1890، ظهر اقتصادي كبير، ليشرح كيف تم التوصل إلى التصنيع في القرن السابق يُدعى الفريد مارشال، وكان أستاذاً في الاقتصاد السياسي من جامعة كامبريدج الذي أعاد تصنيع نظارات آدم سميث من جديد، ليفسر بدرجة عالية من الفن ذلك الوجود المشترك للتخصص والمنافسة في العالم الحديث، لدرجة أنه لم يعد من الممكن رؤية الخط الفاصل بينهما.

كانت أكثر ابتكارات مارشال وضوحاً في كتاب مبادئ علم الاقتصاد، هي التوصل إلى كلمات العرض والطلب، ومجموعة الرسوم البيانية التي دعمت هذا الابتكار. ومن الغريب أن يتم التفكير أن أكثر تلك الأفكار الاقتصادية المألوفة اليوم كان يتطلب تقديماً. وقد كان المساندون الأوائل للحدية ينشغلون كثيراً بالعمل على التوصل إلى معنى المنفعة بدلاً من العمل على التعبير عن الوحدة الأساسية للرؤى الخاصة بهم، وعلى يد مارشال تحولت القوى المتعارضة إلى إطار عالمي توجد به إجابة لكل سؤال كبر أو عظم.

هل اعتمد السعر على كُلفة الإنتاج؟ أم على الجهد المتواصل للفرد الذي قام بالدفع وفقاً لهذا السعر؟ أعلن مارشال أن الإجابة هي الاثنان. العرض والطلب، الإنتاج والاستهلاك، المنفعة المتحققة وكُلفة الإنتاج، جميع تلك الأمور مهمة بدرجات مختلفة في الأوقات المختلفة.

وقد نبعت سلطة «مارشال» جزئياً من حدسه الاقتصادي اللامع من ناحية، وجزئياً من قدرته الأنيقة على كتابة النثر التي لم تحظ بالتقدير. ولكن قراره اتباع منهج أدبي / بياني بدلاً من اتباع المنهج الرياضي، تطلب تضحية فكرية مهمة؛ إذ إن المحتوى الاقتصادي في نصه لا يمثل مشروعاً كبيراً. وقد اتبع مارشال سياسة للتوصل إلى حل وسط؛ أي الطريقة التي أطلق عليها التوازن الجزئي؛ وهي حالة التوازن التي يتم فيها التعامل مع عدد قليل من الأشياء في نفس الوقت. وهو كل ما يمكن أن تقوم به المنحنيات الصغرى للعرض والطلب في هوامش الكتاب: من شرح الاعتماد المتبادل بين أسواق بعينها سوق الشاي في مواجهة سوق القهوة، أو الشاي في مواجهة الليمون. وكانت الخدعة ببساطة تكمن في افتراض أن كل شيء آخر سيظل ثابتاً على حاله بشكل أو بآخر.

أما المجلد الذي أطلق مارشال عليه كتاب «المنحنيات» والذي يمكن أن يعد معياراً لمنتصف الطريق، ولكن لابد من تأكيد أن النص هذه المرة كان على مستوى تحليلي أعلى من المرة السابقة، وقد وصف مارشال موضوع الكتاب هذه المرة على أنه الاقتصاد وليس الاقتصاد السياسي. وفيه استوعب مارشال تفوق المنهج الرياضي الصارم، ولم يغب عن مارشال، ولا عن كثير من كتّاب ذلك الوقت، أن الرياضيات على ما يبدو كانت توفر إجابة لسؤال شغل الاقتصاديين منذ أن أنكر ريكاردو إمكانية وجوده، الاعتبار المنهجي لسبب حصول الأفراد على ما اكتسبوه في ظل الاقتصاد التنافسي. كيف حصل ملاك الآلات على قبعاتهم الحريرية الطويلة؟ لماذا كُلفة الأراضي الزراعية كبيرة، ولماذا كُلفة الأراضي في المدينة أكثر؟، بينما كُلفة الأراضي الصحراوية قليلة أو لا تكلف شيئاً على الإطلاق، تعتمد هذه الإجابة أيضاً بشكل واضح على المساهمات التي أضافها كل طرف على «الحد»، للعمل الخاص بالطرف الآخر.

وقد قرر مارشال أنه للتعامل مع تزايد العوائد، لا بد من وجود مصدرين لتناقص الكُلفة، ونوعين من تزايد العوائد. وكلاهما يرتبط بحجم الإنتاج؛ وهو حجم السوق. وقد أطلق مارشال على النوع الأول «الاقتصادات الداخلية» التي «اعتمدت على حجم منازل الأفراد العاملين بها، وعلى منظماتهم وعلى كفاءة الإدارة الخاصة بهم، أما «الاقتصادات الخارجية»، وهي النوع الثاني، فكانت معتمدة، حسب قوله، على «التنمية العامة في الصناعة» ككل.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/rp9umkh7

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"