عادي

الأعاصير المتوسطية.. ظاهرة مناخية نادرة يرجّح أن تتفاقم

19:22 مساء
قراءة 3 دقائق

باريس- أ.ف.ب

نجم الفيضان المفاجئ الذي أودى بالآلاف في ليبيا، هذا الأسبوع، عن إعصار متوسطي (مديكيْن)، وهو ظاهرة مناخية نادرة، ولكنها مدمرة يعتقد العلماء أنها ستتفاقم في عالم يزداد حرارة.

هذا المصطلح غير المعروف بعد لدى الناس عموماً، ولكن يستخدمه العلماء وعلماء الأرصاد الجوية باستمرار، صيغ عبر الجمع بين كلمات «البحر الأبيض المتوسط» و«إعصار» (باللغة الإنجليزية).

وتشبه الأعاصير المتوسطية غيرها من الأعاصير والعواصف، لكنها يمكن أن تتشكل فوق المياه الأقل سخونة. وفي صور الأقمار الصناعية، يمكن أن تبدو كأنها كتلة دوامة من السحب العاصفة تحيط بنقطة مركزية، هي عين الإعصار. لكن هذه العواصف المتوسطية هي،بشكل عام، أصغر وأضعف من نظيراتها الاستوائية ولديها مساحة أضيق لتنمو وتكبر.

وتعادل قوتها القصوى عموماً إعصاراً من الفئة الأولى على مقياس سفير-سيمبسون، وهذا يعني أن سرعتها تراوح من 119 إلى 153 كيلومتراً في الساعة. وإضافة إلى رياحها العنيفة، تصاحب الأعاصير المتوسطية أمطار غزيرة. وأسقطت العاصفة «دانيال» ما يصل إلى 170 ملم من الأمطار في أقل من يومين على برقة، في شمال ليبيا، حيث يندر هطول الأمطار هذا الموسم.

تتشكل مرة أو مرتين في السنة

تقول سوزان غراي، الأستاذة في قسم الأرصاد الجوية بجامعة «ريدينغ»: إن الأعاصير المتوسطية تتشكل عادة في الخريف عندما يكون البحر دافئاً، وعلى الأغلب في غرب البحر الأبيض المتوسط، والمنطقة الواقعة بين البحر الأيوني وساحل شمال إفريقيا.

وتنشأ هذه الأعاصير عندما يتشكل حمل حراري، أو تصاعد لدى التقاء طبقة من الهواء البارد القادمة من الارتفاعات الأعلى، مع الهواء الدافئ الصاعد من البحر. ويحدث هذا اللقاء حول مركز للضغط المنخفض. وتتشكل الأعاصير المتوسطية، مرة أو مرتين في السنة، وفقاً للإدارة الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي.

وفيما تتحرك الأعاصير من الشرق إلى الغرب، تميل الأعاصير المتوسطية إلى الانتقال من الغرب إلى الشرق. من ثم فقد عبرت العاصفة «دانيال» بلغاريا واليونان وتركيا، الأسبوع الماضي، قبل أن تصل إلى ليبيا. ونشأت ثلاثة أعاصير متوسطية قبالة سواحل اليونان بين عامي 2016 و2018، بينما رصدت خدمات الأرصاد الجوية الإسبانية في عام 2019 واحداً بين جزر البليار والساحل الجزائري.

وفي سبتمبر/ أيلول 2020، ضربت اليونان رياح تصل سرعتها إلى 120 كيلومتراً في الساعة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في بلدة كارديتسا، وتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية وانقطاع التيار الكهربائي. وتعرضت صقلية لعاصفة مماثلة في عام 2021.

أكثر شدة

تقول هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية، إنه يصعب استخلاص عِبر مناخية من الأعاصير المتوسطية بسبب ندرتها.

لكن الخبراء يقولون: إن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر الناجم عن تغير المناخ الذي يسببه النشاط البشري، سيجعل الأحداث المتطرفة مثل الأعاصير، أو الأعاصير المتوسطية، أكثر شدة، على الرغم من أنها قد تصير أقل تواتراً.

وتقول ليز ستيفنز، الأستاذة في جامعة «ريدينغ»: «يعتقد أن تغير المناخ يزيد من شدة أقوى الأعاصير المتوسطية.. نحن على قناعة بأن تغير المناخ يزيد من هطول الأمطار المصاحبة لمثل هذه العواصف».

ويشير العلماء إلى أن المحيطات امتصت 90% من الحرارة الزائدة الناتجة من النشاط البشري منذ بداية العصر الصناعي. وسُجلت في البحر الأبيض المتوسط أعلى درجة حرارة في يوليو/ تموز، عندما واجهت أوروبا سلسلة من موجات الحر الاستثنائية.

وصارت المياه السطحية في شرق البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي أكثر دفئاً بمقدار درجتين إلى ثلاث درجات مئوية، عن المعتاد في بداية سبتمبر، ما يُعتقد أنه جعل العاصفة «دانيال» أشد.

وتقول ليزي كيندون، أستاذة علوم المناخ في جامعة «بريستول»، إن العاصفة دانيال «توضح حجم الأمطار المدمرة التي يمكن أن نتوقعها بشكل متزايد في المستقبل»، مع ارتفاع درجة حرارة العالم.

ويستطرد عالم المناخ كارستن هاوستن من جامعة «لايبزيغ»: «إن نشوء العاصفة دانيال من إعصار متوسطي.. ربما يكون نتيجة لدرجات حرارة سطح البحر الأكثر دفئاً، وبالتالي تغيّر المناخ الناجم عن الإنسان».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xj5sass

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"