الخروج الفرنسي

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يقاوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طويلاً، مطالبة النظام الجديد في النيجر، بانسحاب القوات الفرنسية والسفير الفرنسي من نيامي، لأن «وجودهما غير مرغوب فيه»، وقرر يوم، أمس الأول، إنهاء التعاون العسكري مع النيجر في أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم يوم 27 يوليو/تموز الماضي.

حاول ماكرون المماطلة في الانسحاب، بانتظار أن تتمكن دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) من اتخاذ قرار بالتدخل العسكري، لاستعادة السلطة من العسكريين، كما وعدت، لكن بما أن هذا الرهان سقط بعدما تراجعت المجموعة عن قرارها، نظراً لكلفة التدخل الثقيلة على دول المنطقة، وإعلان مالي وبوركينا فاسو دعمهما للمجلس العسكري الجديد، وإرسال طائرات حربية لدعم قوات النيجر، فقد حسم ماكرون أمره، وقرر مغادرة قواته (1500 جندي) قبل نهاية العام الحالي، فيما سفيره سيلفان إيتي سيغادر إلى باريس في غضون ساعات.

المجلس العسكري في النيجر رحب بقرار ماكرون، معتبراً أنه «لحظة تاريخية وخطوة جديدة باتجاه السيادة، وتشهد على تصميم شعب النيجر وإرادته»، وأضاف «أي شخص أو مؤسسة أو كيان يهدد وجوده مصالح بلدنا سيتعين عليه مغادرة أرض أجدادنا شاء ذلك أم أبى».

كما تم فرض حظر على الطائرات الفرنسية، ومنع دخولها المجال الجوي للنيجر.

وكانت العاصمة نيامي شهدت تظاهرات شعبية يومية أمام السفارة الفرنسية، ومقر القاعدة العسكرية الفرنسية للمطالبة برحيلهما.

بقرار الانسحاب من النيجر تطوي فرنسا فترة استعمارية طويلة دامت من عام 1922حتى نالت النيجر استقلالها عام 1960، لكنها ظلت تمسك بمفاتيح السلطة، وتنصيب الرؤساء منذ ذلك الحين، كما تسيطر على ثروات البلاد من خلال شركاتها، وخصوصاً الذهب واليورانيوم والنفط، فيما شعبها الذي يبلغ تعداده 25 مليون نسمة، يعاني فقراً مدقعاً.

وهذا يعني أن النيجر خرجت من تحت العباءة الفرنسية والغربية، مثلها مثل الكثير من الدول الإفريقية التي باتت تفضل العلاقة مع روسيا والصين، لأنهما لا تفرضان شروطاً سياسية ولا تتدخلان بالشؤون الداخلية، وتوفران مساعدات اقتصادية وعسكرية أقل كلفة.

كانت النيجر تمثل آخر معقل للقوات الفرنسية التي سبق وخرجت من مالي، التي وجدت تحت شعار محاربة الإرهاب، وخصوصاً في منطقة الساحل، لكن هذه القوات فشلت في مهمتها، لأن الإرهاب تمدد واتسعت رقعة وجوده، وبالتالي فإن وجود قوات فرنسية بات يشكل عبئاً على دول الساحل، وشكلاً من أشكال الاستعمار من خلال وجود القواعد العسكرية.

صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية أشارت إلى أن النيجر هي آخر معقل للوجود العسكري الفرنسي، «وإذا غادرت ستطوي الصفحة في منطقة الساحل».

إفريقيا تدخل مرحلة تحول جديدة، أشبه بمرحلة الستينات في غمرة تصاعد حركة التحرر الوطني، ونضال الدول الإفريقية، لنيل استقلالها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/239a7293

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"