المدير السعيد

00:45 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما نرغب في تعيين مدير جديد، نبحث دوماً عمن يتمتع بشخصية قيادية، ويملك زمام المبادرة، وذهناً متفتّحاً، وخبرة طويلة في المجال تمكنه من أداء مهامه على أكمل وجه. لكن هل تكفي كل الشروط؟ أم أن هناك معايير أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار؟

في الحقيقة، إن منصب الإدارة بالتحديد يحتاج إلى باع طويلة في المجال، ومهارات محددة، وسمات متفردة يصعب اجتماعها إلا في قلة قليلة من البشر، بعضها مكتسب وبعضها أشبه بالموهبة الفطرية. فبعض الناس يمتازون منذ صغرهم بشخصيات قيادية، ومع الوقت واكتساب المعرفة والخبرة تنمو مقدرتهم على قيادة الغير. وآخرون لا تبدو عليهم علائم القدرة القيادية منذ نعومة أظفارهم، إلا أنهم وبفضل جهودهم الكبيرة يكتسبون مع مرور الوقت سمات القادة الفاعلين.

لكن ورغم أهمية المعرفة والخبرة في أداء المدير لمهامه ومسؤولياته، إلا أن هناك سمات شخصية لا تقل أهمية عما سبق ذكره، بل ويمكن أن تعوق نجاحه في عمله أو تعززه، من بينها التفاؤل والإطلالة السعيدة. لماذا؟

لسبب بسيط للغاية؛ ألا وهو أن الناس يميلون بحكم طبيعتهم البشرية إلى احترام الشخص الإيجابي وتقديره، ويحبون كثيراً من تعكس تعابير وجهه تفاؤلاً يبعث الأمل والسرور في قلوبهم، فيحفزهم ذلك على تقديم المزيد.

لذا، شتان ما بين مدير مكفهر الوجه جدّي أكثر من اللازم، وآخر يوزع ابتسامته في كل أرجاء المكان. وشتان ما بين مدير متشائم عصبي المزاج، وآخر مستبشر بالخير دوماً يتعامل مع المواقف بهدوء وذكاء!

يقول المثل: «من عاشر القوم أربعين يوماً صار منهم». هكذا هو حال الموظفين في أي مكان، حيث يُلاحظ أن الشركة التي يمتاز مديرها بالإيجابية والوجه البشوش، تشيع بين موظفيها روح السعادة والتعاون فيما بينهم.

إن الموظف ليس آلة صماء بلا مشاعر، بل هو إنسان يحتاج كل يوم إلى من يشجعه بكلمات طيبة، ويبتسم في وجهه بسعادة وسرور، ويُشعره بالتفاؤل وبأنه قادر على تحقيق المزيد. ولا يكون ذلك إلا بوجود مدير كفء يدرك مدى أهمية الإيجابية في العمل.

بكلمة واحدة جميلة يمكن أن تدفع إنساناً إلى بذل أقصى طاقته، وبابتسامة واحدة يمكن أن تذيب الجليد الذي يخلّفه ضغط العمل، وبروح متوثبة بوسعك أن تستنهض الهمم وتشيع جوّاً من المحبة والسعادة في كل جنبات المكان.

لهذا كله، نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مديرين يجعلون من العمل متعة خالصة، وينشرون البهجة وروح الإيجابية والتفاؤل في كل الأوقات؛ ليصبح مقر العمل بستاناً من العطاء والإنجازات العظيمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2dwdv2j9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"