لا يمكننا حماية أبنائنا بشكل مباشر من كل شيء.. هذا الواقع الذي يجب أن يفهمه كل أب وأم، في خضم التطور التقني الكبير، وثورة الاتصالات في مواقع وتطبيقات متعددة ساهمت في نقل المعلومات والأخبار بشكل كثيف ومتزايد، ما جعلنا جميعاً عرضة بشكل مستمر لمعلومات وأخبار وأفكار، وآراء، من مصادر متعددة، والبعض من تلك المواد سيئ، أو غير صحيح، ويحمل تزييفاً، ومع استمرار هذا السيل المعلوماتي، تظهر الحاجة لوسيلة جادة وعملية تساهم في حماية أجيالنا، وهذا يتحقق بتسليحهم بالحماية الذاتية، التي تتمثل في التفكير الناقد.
التفكير الناقد هو القدرة على تحليل المعلومات، وتقييمها بشكل منطقي وموضوعي. هي مهارة تمكّن الفرد من فحص الأفكار والمعتقدات بعقلانية، وعدم قبولها دون تحليلها. عندما يتم تنمية هذه المهارة لدى الأبناء، يكونون قادرين على التمييز بين الحقائق والزيف، وتفادي الانجذاب نحو الأفكار الضارة.
دون شك أننا في عصر تنتشر فيه الكثير من المعلومات الخاطئة، والشائعات عبر وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها، ومعها يصبح من السهل تعرض الأبناء لأفكار سلبية تؤثر في تصوراتهم واتجاهاتهم.
وعندما تكون لديهم قدرة على التفكير الناقد، يصبح بإمكانهم جمع المعلومات وتحليلها بشكل مستقل، وبناء تصوراتهم الخاصة بناء على أدلة واقعية.
لا يقتصر دور مهارة التفكير الناقد على الحماية فقط، بل يمتد إلى تحقيق النجاح الأكاديمي. عندما يتمكن الأبناء من تحليل المعلومات بشكل دقيق ومنهجي، يصبح بإمكانهم فهم المفاهيم الصعبة بسهولة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات الأكاديمية. مقالة تم نشرها في الموقع الرسمي لجامعة كامبردج cambridge. org بعنوان: التفكير الناقد، أساس للنجاح الأكاديمي، جاء فيها: «يعتبر التفكير النقدي أمراً حيوياً للنجاح الأكاديمي ويشير إلى أنواع المهارات التي يحتاجها المتعلمون لتمكينهم من التفكير بشكل فعال وعقلاني حول ما يريدون القيام به وما يعتقدون أنه أفضل مسار للعمل».
تساعد مهارة التفكير الناقد في تطوير مهارات البحث والتحليل، والقدرة على التفكير الإبداعي واتخاذ القرارات المستنيرة. لتنمية مهارة التفكير الناقد لدى الأبناء، يمكن اتباع بعض الإجراءات، مثل تشجيعهم على طرح الأسئلة والاستفسارات، وعدم القبول بالمعلومات دون تفكير، وتشجيعهم على القراءة المتنوعة وتنويع مصادر المعرفة، ما يساهم في توسيع آفاقهم وتطوير تفكيرهم. من الممكن أيضاً توجيههم لحل المشكلات ومواجهة التحديات المعقولة وعدم المبالغة في حمايتهم، ما يعزز قدراتهم على صناعة الحلول لأنفسهم واعتمادهم على ذواتهم.
