شيماء المرزوقي
أذكر أنه خلال المرحلة الدراسية، كانت هناك زميلة دائمة الاستفهام، تساؤلاتها لا تنتهي، كأنها تحاول اكتشاف أعماق المعرفة من خلال طرح كل تلك الأسئلة.
اعتبرت تساؤلاتها إضاعة للوقت، ولا قيمة لها، ومع أنها كانت صاحبة المرتبة الأولى، ومتفوقة دراسياً، إلا أنها كانت تستند إلى مهارات أخرى في مجال التواصل مع المعلمات والزميلات.
وقد اتضح أهمية التواصل الجيد، لأن هناك زميلات أخريات تميزن بالتفوق والجد والاجتهاد، لكن زميلتي كانت الأكثر حضوراً وتميزاً، لأنها تفوقت في مهارة التواصل المستمر مع المعلمات، والتفاعل مع زميلاتها. ربما هناك من اعتبرها متملقة، أو مهتمة بمصلحتها الشخصية، ولكنني اليوم أؤكد أنها كانت تستند إلى استراتيجية ذكاء اجتماعي. تبين لي أن تلك اللحظات، التي كانت تظهر لي أنها إضاعة للوقت، كانت عبارة عن فرص واعدة وثمينة لبناء علاقات قوية مع إدارة المدرسة والمعلمات، وأيضاً طريقة لتعزيز فهمها لمختلف المواد الدراسية، والنتيجة أن المعلمات دائماً يتذكرن اسمها من بين أسماء جميع الطالبات.
في عالمنا اليوم، يُظهر الواقع أن النجاح يتطلب أكثر من الذكاء. إنه ليس مجرد سباق للوصول إلى القمة الفكرية. هناك عوامل أخرى مهمة، مثل القدرة على بناء علاقات جيدة والتواصل مع الآخرين. لا يمكن تجاوز أهمية الاتصال الاجتماعي في النجاح وتحقيق الأهداف.
استمراراً في سياق النجاح والفشل، نجد أن الشركات الناجحة ليست فقط تقدم منتجات عالية الجودة، فالجوانب الأخرى مثل التصميم وسهولة الاستخدام والتسويق تلعب دوراً حاسماً في نجاح أي شركة، واهتمامها بتلك الجوانب ينعكس بشكل كبير إيجابياً على مبيعاتها.
إذا كان هناك شيء يجب أن يتركه هذا السرد في أذهاننا، فهو أن النجاح ليس مجرد انعكاس للذكاء. إنه توازن بين العقل والقلب، وبين التميز والتواصل، فالعبقرية يبقى مكمنها في القدرة على فهم المفاهيم العميقة، لكنها تجد روعتها في القدرة على بناء جسور التواصل واستغلال فرص العلاقات الإنسانية.
