عندما نتأمل في حياتنا اليومية، سنلاحظ أن المقربين منا، وأقصد تحديداً الصحب والأصدقاء، يلعبون دوراً هاماً في تشكيل سلوكياتنا واختياراتنا، بل لهم تأثير بالغ وكبير، في انتقالنا من مرحلة حياتية إلى أخرى، مثل التعليم أو العمل، وقد يكون لهم تأثير حتى في قراراتنا واختياراتنا، خاصة تلك التي تعد مفصلية ومهمة في حاضرنا ومستقبلنا.
هذا الجانب، المتعلق بتأثير المقربين، كان ومازال، موضوع محل للدراسة والبحث، من جانب الكثير من علماء الاجتماع والنفس، وهناك من تحدث عن هذا التأثير القوي، ومن بين هؤلاء الباحثين دان بوتنر، وهو مؤلف أمريكي، عرف ببحثه ودراسة الاختلافات في العادات الصحية والسلوكيات التي تؤدي إلى طول العمر بين السكان في مناطق مختلفة من العالم، حيث يقول: «الأشخاص الذين تحيط بهم يؤثرون في سلوكياتك، لذا اختر أصدقاء لديهم عادات صحية». وقيل قديماً في الأمثال بأن الصاحب ساحب، وأعتقد أن عملية السحب هذه شاملة، في مختلف الجوانب، لأن التأثير عام، فهو لا يتوقف عند تغذية النفس بالطموح والغاية، أي كان نوعها، بل يشمل حتى في الأولويات الحياتية، حيث يمكن أن تتبدل الرؤية للمستقبل، وفقاً لما يتوجه له ذلك الصاحب، ووفقاً لما يراه، وبالتالي قد نحرم أنفسنا من جوانب حياتية نبرع فيها، ونميل نحوها، ومع هذا نتركها ونتوجه نحو ما تراه تلك الصديقة، فقط لأن لها تأثيراً قوياً علينا.
على سبيل المثال، إذا كان لديك أصدقاء يتبنّون نمط حياة صحياً، مثل ممارسة الرياضة بانتظام وتناول الطعام الصحي، فمن المحتمل أن يشجعوك على اتباع هذه العادات، ودون شك عند رؤية، من تحبه وتحترمه، يتبنّى أسلوب حياة صحيحاً، فإن ذلك يصبح تحفيزاً قوياً لك لمحاولة الانضمام إلى نفس النمط الصحي.
على الجانب الآخر، إذا كان في محيطك من يتبنّى، سلوكيات سلبية أو غير صحية، فإنه سيؤثر فيك بشكل سلبي، وقد تجد نفسك معرضاً لضغط لتجربة هذه السلوكيات الضارة. ثم يتحول هذا الضغط إلى انضمام لممارسة سلوكية سلبية، تؤثر في جودة حياتك.
ونظراً لقوة تأثير المقربين، فإنه من الأهمية التأكد أن هذا الصديق، إيجابي، ويتوافق معنا من ناحية التطلعات والرؤية للمستقبل، من غير المعقول الاحتكاك مع أناس أو تمضية الوقت معهم، وهم لا يشاركوننا الشغف بالعلم والمعرفة، ولا الاستعداد للمستقبل.
