بعيدون ونتأثر بهم وكأنهم مقربون

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

شيماء المرزوقي

توجد نظرية معروفة تحمل اسم «نظرية الانتقالات الاجتماعية»، وتشير إلى أننا نتأثر بشكل أكبر بالناس الذين نشعر بالقرب منهم ونعتبرهم مهمين في حياتنا.

وهؤلاء المقربون، هم الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات، وقد يكونون من الأقارب، أوالمعلمين وزملاء الدراسة أو العمل، وهناك الصحبة والأصدقاء.

ومع اختلاف درجات وأنواع تلك العلاقات، إلا أنه يبقى، لوجهات نظرهم، وآرائهم، وتوجهاتهم، وأولوياتهم، سطوتها وقوتها وتأثيرها البالغ في حياتنا.

وإذا حددنا فئة الزملاء والأصدقاء، وهي الفئة التي نلتقيها خلال نمونا والاندماج في المجتمع، فإنه من الأهمية الحذر عند اختيارهم، إن صحت كلمة اختيار، لأن الأصدقاء الذين نقرر تمضية الوقت معهم، وتقريبهم من حياتنا، لهم أثر كبير وعظيم، في توجهاتنا، وفي قراراتنا، ولا نبالغ عند القول إن لهم تأثيراً في تفوقنا الدراسي ومهاراتنا الحياتية، واكتساب الخبرات، التي قد تسهم في تفوقنا الوظيفي أو العكس.

في هذا العصر تحديداً، نجد أن مثل هذا الأثر بات على درجة عالية من الوقوع، خاصة مع التطورات التقنية، وثورة الاتصالات، وما نعيشه في مواقع التواصل الاجتماعي، من ترابط وتبادل للأفكار والمواضيع، وسهولة في تناقل الآراء ووجهات النظر، ومع مثل هذا التواصل الرقمي، تنشأ رابطة تشبه الصداقة، أو جسر من الحوار والعلاقة مع الآخرين، وهؤلاء مع أنهم قد يبعدون آلاف الأميال عنا، إلا أن الترابط معهم والتأثير، قد يكون بالغاً وكبيراً، وكأنهم يجلسون معنا في نفس الغرفة. بل إن التأثير قد يكون أكثر عمقاً من تأثير الصديق المقرب منا، ومن هنا نلحظ دخول نوع جديد من المقربين، حيث تجاوز أفراد الأسرة، أو زملاء الدراسة أو العمل، حيث نجد هناك تأثيراً يتجاوز الحدود المكانية.

ولا أريد الفهم بأنني ضد الحوار مع الآخر، أو التخويف من التواصل وتبادل الأفكار، بقدر أنني أشير لحالة اجتماعية، تتعلق بالتأثير، خاصة وأن هذا البعيد، لا يحمل صفات الصداقة الطبيعية، التي عهدناها، حيث يمكن أن يتبدل ويتغير في ثوان.

ودون شك أن اليافعين والمراهقين، تحديداً، قد يكونون الأكثر عرضة لتأثيرات هذا البعيد، وتقبل ما لديه دون تدقيق أو تمحيص. من هنا تظهر الحاجة للفهم الوعي، الحاجة لتنمية المعرفة بأخطار هذا النوع من الصداقات، لأن الخطورة تكمن فيما يحمله هذا البعيد من آراء ووجهات نظر، قد لا تناسبنا ولا تتماشى مع ظروفنا، ولا مع إمكانياتنا، ولا مع ما نريده في مستقبلنا.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kj2whvr

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"