د. عبدالعظيم حنفي
كان جيمس بوكانان، شخصية مشهورة في منتصف الثمانينات، وفي العام السابق على ظهور ورقة «تسعير استخدام مصعد التزلج» كان حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1986 عن مجمل أعماله في مجال اتخاذ القرار السياسي. وفي الواقع، فإن حياة بوكانان المهنية تقدم قصة مثيرة، إذ إنه عندما تخرج في جامعة شيكاغو شتاء 1948، عندما كان الحماس حيال لجنة «كولز» في قمة اشتغاله، كان واحداً من ضمن الذين تركوا هايد بارك، وكان استنتج أن الاقتصاد يتحرك بعيداً عن أسسه الكلاسيكية، وأن التقنية أصبحت تحل محل الموضوع. إلى جانب ذلك، كان بوكانان شرع في قراءة أعمال الاقتصاد السويدي العظيم «نوت ويكسيل»، وكان مشغولاً بتحديد الحد الفاصل بين الاقتصاد والسياسة.
وأثار ويكسيل الجدل حين قال «على الاقتصاديين أن يتوقفوا عن إسداء النصائح السياسية كأنما تم توظيفهم من قبل طاغية محب للخير».
وأضاف «وبدلاً من ذلك، عليهم أن يوجهوا انتباههم للطريقة التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات السياسية». وتحدى زملاءه الاقتصاديين أن يضعوا نموذجاً ما للدولة، وللسياسة قبل المضي في تحليل آثار إجراءات السياسة البديلة.
وتمت كتابة سلسلة من المقالات في هذا السياق، وضعت «الفشل السياسي» على قدم المساواة مع «فشل الأسواق»، كأمر له علاقة بالمصلحة المشروعة للاقتصاديين.
وقام بوكانان بالفعل، ببناء مدرسة للاقتصاد السياسي بالتعاون مع شريكه في التأليف جوردون تلوك، وزميله طالب الدراسات العليا من جامعة شيكاغو وارين نيتر، وأطلق على تلك المدرسة اسم «مدرسة فرجينيا» والتي كانت آراؤها شبيهة، ولو أنها كانت مختلفة بمهارة عن «الرؤى الخاصة بجامعة شيكاغو»، ولكن لم يفقد بوكانان عشقه للدقة الرياضية. في حين أدت «نظرية اقتصادية للنوادي» إلى شن حملة أدبية واسعة وعميقة.
وكانت هناك أدبيات اقتصادية قيّمة سابقة أضاف إليها بوكانان فكرة «سلع النوادي»، وهو مصطلح جامع لجميع ألوان الطيف الواسع للسلع التي هي ليست عامة بصورة بحتة، وكذلك ليست خاصة بصورة بحتة. طبقة من الأشياء المحيرة إلى حد ما، التي كان يطلق عليها في السابق «السلع العامة غير المحضة».
فالنوادي هي عبارة عن مجموعة من الأشخاص الذين يتشاركون في شيء قيم مقصور عليهم دون سواهم. وتعتمد سلع النوادي على الإقصاء بشكل أساسي حتى تعمل، ويمكن أن تكون آلية الإقصاء هي الحارس، أو البوابة، أو السور، أو مكتب قطع تذاكر، أو بأي طريق يؤدي إلى دخول الأعضاء وإقصاء غير الأعضاء. كانت «نظرية النادي» طريقة لتعريف السلع العامة غير المحضة طريقة لفك التشابك في العلاقة بين كلفة هذه السلع وبين المجموعات التي تستهلكها.
وتدور نظرية النادي بشكل رئيسي حول الازدحام. وتعطي حمامات السباحة مثالاً جيداً على ذلك. فقد كانت حمامات السباحة إحدى السلع العامة غير المحضة، وفقاً لتخطيط «بوكانان» للأشياء، على الأقل إلى حد ما. ويستطيع العديد من الأفراد أن ينضموا لنادي سباحة. من بين مجموعة منظري النادي الذين لهم ميل نحو الرياضيات، يعد من أكثر الإنجازات فخراً إثبات أنه طالما أن حجم السوق كبير مقارنة بعدد النوادي، فإن السوق سينتج عدداً كافياً من حمامات السباحة، وسيتم تحديد سعر العضوية بطريقة تنافسية. ولأغراض خاصة بالنهايات المرتفعة لنماذج. والتوازن العام، فإن جوهر التحليل قد أنصب على أن العضوية في نوادي السباحة هي سلع وسيطة ينتهى بها الأمر إلى التصرف كسلع منافسة، وأنه سيتم تحقيق المنافسة الكاملة في النهاية. بمعنى آخر لا تتطلب نظرية النادي وجود قدر ذي دلالة من «عدم التحدب» في الرياضيات. وسرعان ما أصبحت نظرية النادي هي المعالجة النمطية لأي عدد من المشاكل: مثل المدارس، والطرق السريعة وشبكات المعلومات، وأنظمة الاتصالات، والحدائق الوطنية، والطرق المسائية والمجال الكهرومغناطيسي.