نظرية النادي

21:45 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي

كان جيمس بوكانان، شخصية مشهورة في منتصف الثمانينات، وفي ‏‏العام السابق على ظهور ورقة «تسعير استخدام مصعد التزلج» كان حصل على جائزة نوبل في ‏‏الاقتصاد عام 1986 عن مجمل أعماله في مجال اتخاذ القرار السياسي. وفي الواقع، فإن حياة بوكانان المهنية تقدم ‏‏قصة مثيرة، إذ إنه عندما تخرج في جامعة شيكاغو شتاء 1948، عندما كان الحماس حيال ‏‏لجنة «كولز» في قمة اشتغاله، كان واحداً من ضمن الذين تركوا هايد بارك، وكان استنتج أن الاقتصاد يتحرك بعيداً عن أسسه الكلاسيكية، وأن التقنية أصبحت تحل محل ‏‏الموضوع. إلى جانب ذلك، كان بوكانان شرع في قراءة أعمال الاقتصاد السويدي العظيم «نوت ‏‏ويكسيل»، وكان مشغولاً بتحديد الحد الفاصل بين الاقتصاد والسياسة. ‏‏

وأثار ويكسيل الجدل حين قال «على الاقتصاديين أن يتوقفوا عن إسداء النصائح السياسية ‏‏كأنما تم توظيفهم من قبل طاغية محب للخير».

وأضاف «وبدلاً من ذلك، عليهم أن يوجهوا ‏‏انتباههم للطريقة التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات السياسية». وتحدى زملاءه الاقتصاديين أن ‏‏يضعوا نموذجاً ما للدولة، وللسياسة قبل المضي في تحليل آثار إجراءات السياسة البديلة.

وتمت ‏‏كتابة سلسلة من المقالات في هذا السياق، وضعت «الفشل السياسي» على قدم المساواة مع «فشل ‏‏الأسواق»، كأمر له علاقة بالمصلحة المشروعة للاقتصاديين.

وقام بوكانان بالفعل، ببناء مدرسة ‏‏للاقتصاد السياسي بالتعاون مع شريكه في التأليف جوردون تلوك، وزميله طالب الدراسات العليا من جامعة شيكاغو وارين نيتر، وأطلق ‏‏على تلك المدرسة اسم «مدرسة فرجينيا» ‏ والتي كانت آراؤها شبيهة، ولو أنها ‏‏كانت مختلفة بمهارة عن «الرؤى الخاصة بجامعة شيكاغو»، ولكن لم يفقد بوكانان عشقه للدقة ‏‏الرياضية. في حين أدت «نظرية اقتصادية للنوادي» إلى شن حملة أدبية واسعة وعميقة. ‏

وكانت هناك أدبيات اقتصادية قيّمة سابقة أضاف إليها بوكانان فكرة «سلع النوادي»، وهو ‏‏مصطلح جامع لجميع ألوان الطيف الواسع للسلع التي هي ليست عامة بصورة بحتة، وكذلك ليست ‏‏خاصة بصورة بحتة. طبقة من الأشياء المحيرة إلى حد ما، التي كان يطلق عليها في السابق ‏‏‏«السلع العامة غير المحضة». ‏

فالنوادي هي عبارة عن مجموعة من ‏‏الأشخاص الذين يتشاركون في شيء قيم مقصور عليهم دون سواهم. وتعتمد ‏‏سلع النوادي على الإقصاء بشكل أساسي حتى تعمل، ويمكن أن تكون آلية الإقصاء هي الحارس، أو ‏‏البوابة، أو السور، أو مكتب قطع تذاكر، أو بأي طريق يؤدي إلى ‏‏دخول الأعضاء وإقصاء غير الأعضاء. كانت «نظرية النادي» طريقة لتعريف السلع العامة غير ‏‏المحضة طريقة لفك التشابك في العلاقة بين كلفة هذه السلع وبين المجموعات التي تستهلكها. ‏

وتدور نظرية النادي بشكل رئيسي حول الازدحام. وتعطي حمامات السباحة مثالاً جيداً على ذلك. ‏‏فقد كانت حمامات السباحة إحدى السلع العامة غير المحضة، وفقاً لتخطيط «بوكانان» للأشياء، ‏‏على الأقل إلى حد ما. ويستطيع العديد من الأفراد أن ينضموا لنادي سباحة. من بين مجموعة منظري النادي الذين لهم ميل نحو الرياضيات، يعد من أكثر الإنجازات فخراً ‏‏إثبات أنه طالما أن حجم السوق كبير مقارنة بعدد النوادي، فإن السوق سينتج عدداً كافياً من ‏‏حمامات السباحة، وسيتم تحديد سعر العضوية بطريقة تنافسية. ولأغراض خاصة بالنهايات ‏‏المرتفعة لنماذج. والتوازن العام، فإن جوهر التحليل قد أنصب على أن العضوية في نوادي ‏‏السباحة هي سلع وسيطة ينتهى بها الأمر إلى التصرف كسلع منافسة، وأنه سيتم تحقيق المنافسة ‏‏الكاملة في النهاية. بمعنى آخر لا تتطلب نظرية النادي وجود قدر ذي دلالة من «عدم التحدب» ‏‏في الرياضيات. وسرعان ما أصبحت نظرية النادي هي المعالجة النمطية لأي عدد من المشاكل: ‏‏مثل المدارس، والطرق السريعة وشبكات المعلومات، وأنظمة الاتصالات، والحدائق الوطنية، ‏‏والطرق المسائية والمجال الكهرومغناطيسي. ‏

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdh3eu4t

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"