رغيد جطل
عُرف كلثوم بن الأغر بدهائه، وكان قائداً في جيش عبدالملك بن مروان، وكان الحجاج بن يوسف يبغضه، فدبر له مكيدة، جعلت عبدالملك بن مروان يحكم عليه بالقتل، فذهبت أمه إلى عبدالملك بن مروان تلتمس عفوه فاستحى منها، لأن عمرها جاوز المئة عام، فقال لها: سأجعل الحجاج يكتب في ورقتين الأولى «يُعدم»، والثانية «لا يعدم»، ويختار ابنكِ ورقة قبل تنفيذ الحكم، فخرجت حزينة؛ إذ إنها تعلم أن الحجاج سيكتب في الورقتين «يُعدم»، فقال لها ابنها لا تقلقي يا أماه، وبالفعل كتب الحجاج «يُعدم» في الورقتين، وتجمع الملأ في اليوم الموعود، جاء كلثوم إلى ساحة القصاص، فقال له الحجاج وهو يبتسم بخبث: اختر واحدة، فاختار ورقة وقال: اخترت هذه. ثم قام بابتلاعها دون أن يقرأ ما فيها، فقال عبدالملك: لقد ابتلعتها دون أن نعرف ما بها، فقال كلثوم: لكي نعلم ما بها، ننظر للورقة الأخرى فهي عكسها، فنظر عبدالملك للورقة الثانية فكانت (يُعدم)، فقالوا اختار كلثوم ألا يعدم، ولم يتمكن الحجاج من تنفيذ حيلته. كان أحد البخلاء يأكل في منتصف الليل فسألوه لمَ تفعل ذلك تنتظر حتى يخلد أولادك وزوجتك إلى النوم فتبدأ بالأكل؟ فقال: هذا أفضل وقت للأكل؛ إذ فيه يبرد الماء، وينقمع الذباب، وآمنُ فجأة الداخل، وصرخة السائل، وصياح الصبيان.
