من يستحق العقاب؟

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

الأخلاق تشكلها مجموعة مبادئ وقيم تحكم سلوك الفرد في المجتمع، وتعدّ ركيزة أساسية لبناء مجتمع متحضر وسويّ، وهذا ما يجعلها من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها الطلبة في المدارس؛ إذ تساعدهم على التعامل باحترام وتقدير، وتمكّنهم من الاندماج في المجتمع والتفاعل معه.
والتنمر في بعض المدارس يشكل أحد مظاهر عدم الاحترام، ويُصنّف ضمن السلوكيات التي تتنافى مع مكونات الأخلاق، التي تحمل معها إيذاءً جسدياً أو لفظياً أو نفسياً؛ إذ تأخذنا إلى مشاكل وعواقب وخيمة، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا من المسؤول عن غرس بذور بناء الشخصية لدى الأبناء سواء كانت «أخلاقية أو غير أخلاقية»؟ ومن يستحق العقاب عند حدوث التنمر، الوالدان أم الأبناء؟
مقولة «اجعل من يراك يدعو لمن رباك» تحسم الجدل وتجيب عن التساؤل بكل وضوح؛ إذ إن التربية وبناء الشخصية ومقوماتها تبدأ من البيت، فكل سلوك يقوم به الطالب يعكس الصورة الحقيقية لوالديه وسلوكياتهما وأخلاقياتهما وطرائق تربيتهما وتفكيرهما وثقافتهما، وهنا فالوالدان هما من يستحقان العقاب، إذا تنمر أبناؤهما أو تجاوزوا حدود اللياقة والأخلاق مع زملائهم أو معلميهم أو أي تربوي.
نعتقد أن كلاًّ من «المتنمر والمتنمر عليه»، ضحيتان لـ «ثقب موجود في جدار التربية» في بعض الأسر؛ إذ إن سلوكيات التنمر لم تأتِ بالمصادفة أو اصطدم بها الأبناء فجأة، ولكنها نتاج طبيعي لتراكمات القصور في التربية، فوجدناه يصيب أخلاقيات وسلوكيات المتعلمين الإيجابية، ويفقدهم مهارة التعامل باحترام وتقدير، وبات السلوك العدواني أحد العناصر الأساسية للثقة في النفس لدى بعض المتعلمين، الذين يفتقرون إلى القدرة على اتخاذ القرارات السليمة، والاندماج والتفاعل بإيجابية في المجتمع المدرسي.
وإذا أردنا أن نحكم القبضة على «التنمر»، فعلينا بالوقوف على الأسباب بكل شفافية ووضوح، فالقصور في التربية أهم الأسباب، فالأسرة تعدّ الحاضنة والمسؤولة عن غرس القيم والأخلاق في نفوس أبنائها، ونقص الوازع الديني لدى الأبناء يجعلهم عرضة للوقوع في بئر التنمر، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة مؤثرة لتفعيل التنمر بين الطلبة، ويُؤخذ على إدارات بعض المدارس افتقارها أنظمة ولوائح مكافحة التنمر، لنجد المتنمّرين يرتكبون أفعالهم دون خوف من العقاب.
المسؤولية في قضايا الأبناء لا تستثني أحداً، فعلى الوالدين سدّ الثقب في جدار التربية، والتحلي بالأخلاق الحميدة أمام أبنائهما، فهما القدوة الحقيقية، وليجعلا ثقافة «العيب» فعالة بلا توقف، وعلى المدارس تفعيل أنظمة المكافحة، وتعزيز برامج التوعية لتعمل على مدار الساعة وليس عند حدوث الواقعة فحسب، لحماية أبنائنا وتعزيز مكتسباتهم الأخلاقية وسلوكياتهم الإيجابية وبناء شخصياتهم المستقيمة.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycymhuk2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"