موسم «نوبل»

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

يحيى زكي

في كل عام وقبل إعلان جوائز نوبل، يحلم الكثيرون في العالم العربي بأن يحصل عربي على إحدى هذه الجوائز المرموقة، ولكن هذا الحلم في الأغلب يدور في مجال الآداب، وما يمنحه قوة وزخماً فوز نجيب محفوظ بالجائزة في عام 1988، ويعاد السؤال، ولم لا يفعلها أديب عربي مرة أخرى؟.

لا يلتفت المتابعون للجائزة إلى بقية فروعها لأسباب عدة، ففرع السلام يثير الخلاف والانقسام الأيديولوجي، أما العلوم فهناك قناعة شبه راسخة أنه إذا فاز أحد العرب بجائزة في الطب أو الكيمياء أو الفيزياء، فلا بدّ أن يكون منتمياً إلى إحدى الجامعات أو مراكز الأبحاث الغربية، وهو ما حدث في السابق مع أحمد زويل، والتونسي منجي الباوندي الذي حصل هذا العام على الجائزة في فرع الكيمياء، حيث ندرك جميعاً أن هناك أسباباً عدة تحول دون فوز عالم عربي يعيش ويعمل هنا بالجائزة. ونحن برغم إدراكنا هذا لم نعمل منذ عقود على تجهيز معاملنا وجامعاتنا، لكي تنتج علماً تستفيد منه البشرية كلها.

أما فرع الاقتصاد فلا أحد يتطرق إليه، ولا نعرف لماذا لا يفوز أحد العرب فيه؟.

تدور النقاشات غالباً إذن عندما نتطرق إلى جائزة نوبل في الأدب، فهو حقل ينتمي إلى الثقافة التي لاتزال أكثر ما يجمع العرب، ويوجد إحساس قوي أن الأدب العربي يستحق أن يحصل على جائزة ثانية، ولكن هناك ملاحظات عدة في هذا الإطار.

أولاً: لم نلحظ على مدار سنوات، سوى توقع وحيد يتكرر كل عام بفوز الكاتب السوري أدونيس، وهنا لا نعرف على وجه الدقة هل هذا التوقع ينتمي إلى باب الأمنيات أم أن كاتبنا على قوائم الترشح النهائية كل عام، وهي مسألة غير واضحة لكل متابع لأخبار الجائزة.

ثانياً: هناك سؤال مهم هل أصبح العالم العربي من الماء إلى الماء يخلو من أي شاعر أو روائي أو مسرحي يستحق الجائزة؟.

ثالثاً: وهو الأهم ويتمثل في أن أدونيس ينتمي إلى جيل الستينات الأدبي، بما يعني أن هناك ما يقرب من ستة عقود لم ننتج فيها كاتباً من العيار نفسه، مع الأخذ في الاعتبار رحيل معظم رموزنا الثقافية خلال العقدين الماضيين.

رابعاً: هناك بالطبع أعمال تنتمي إلى كتّاب يستحقون الجائزة، ولكننا لا نعرف عنهم شيئاً، ما يعني أن الساحة الأدبية والإعلامية توقفت منذ سنوات عن إنتاج رموزها الجديدة.

فاز الكاتب النرويجي يون فوسه بجائزة الآداب هذا العام، وهو رابع نرويجي يحقق هذا السبق. وهنا يثور سؤال يتعلق بمدى انتشار الأدب العربي مقارنة بنظيره النرويجي، وهي مقارنة ليست في صالحنا، وستفتح الباب لأسئلة ترتبط بمعدلات القراءة وطرائق انتشار المعرفة، وقدرة الأدب في التأثير، وإلى أي مدى بإمكاننا صناعة أديب قومي أو اكتشافه، والاهتمام بترجمة أدبنا إلى مختلف اللغات. هنا لن نجد أمامنا إلا المطالبة بنقاشات حقيقية ومثمرة، حول الحقل الأكثر تعبيراً عن وحدتنا الثقافية والأكثر قدرة على نقل صورتنا إلى الآخر، ألا وهو الأدب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/drtctkt9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"