مصر ومنجز السنوات العشر

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

بلال البدور

مصر التي أحببناها، ومنها وفيها تعلمنا وكسبنا معارفنا ونمت أفكارنا وذائقتنا الفنية، عشنا فيها سنوات وزرناها مرات ومرات، عرفنا مدنها وحواريها وشوارعها وأزقتها، تعلمنا في جامعاتها، وصلينا في مساجدها، استمعنا إلى أغانيها وحفظناها، شاهدنا أفلامها ومسلسلاتها واستمتعنا بها، زرنا مكتباتها واقتنينا زادنا المعرفي منها، صحفها ومجلاتها كانت رفيقتنا لنعرف أخبار العالم من خلالها.

نيلها الذي يتفرع في أرجائها كان يجري في عروقنا ممزوجاً بدمائنا، والجلوس أمامه في الكازينوهات كانت متعتنا، أهراماتها كانت مرابعنا لركوب الخيل أيام إجازاتنا، قناطرها الخيرية كانت منتزهنا، ناهيك عن متاحفها ومواقعها الأثرية. لم تعاملنا مصر ضيوفاً وغرباء، بل احتضنتنا أحباباً وأبناء، وفيها كسبنا معارفنا وبنينا شخصياتنا، أَبعد كل هذا أليس من حقها علينا أن نفرح لفرحها ونحزن لحزنها ويؤلمنا ما يصيبها.

وهنا لا أتحدث بوصفي مواطنا إماراتياً فقط، فهذا حديث المواطن العربي الذي عاش في مصر أو زارها، فما من بلد إلا وبها من أبنائها من درس بمصر في السياسة والطب والهندسة والاقتصاد والقانون والزراعة والشريعة والآداب وعلوم الاجتماع والعسكرية، وغير ذلك من العلوم التي بها بنوا بلدانهم.

لقد عاشت مصر منذ ثورة ٢٣ يوليو المجيدة حتى ثورة ٣٠ يونيو عقوداً قاسية من استنزاف لقوتها العسكرية والبشرية والاقتصادية، وواجهت كل ذلك بصمود وتحدٍ. وليس أصعب من أن يكون جهد الدولة للبناء مقابل الأفكار الإجرامية التي تهدف إلى تقويض كل نجاح من أجل الكرسي تحت شعار المعارضة. ولقد نسي أولئك أو تناسوا أن المعارضة للبناء وليست للهدم.

فعندما تنادي بعض الأصوات بضرورة التغيير في رأس الدولة والحكومة لا بدّ أن تكون منطلقات وركائز ذلك الحرص على بناء الأوطان، وليس للمصالح الخاصة والفوز بالكرسي، وعندما ينتقد البعض عمل الحكومة قيامها ببناء عاصمة جديدة أو بناء الكباري والطرق والأنفاق، أو القضاء على العشوائيات أو التطوير الإداري مؤججين الشارع بأن الناس بحاجة إلى الأكل قبل كل هذا، فلن يأكل الناس الكوبري والطرق، ونسوا أن تطوير البنية التحتية مهم لزيادة الاستثمار وتعديل مسار الاقتصاد، وإن إزالة 350 عشوائية لتعديل أوضاع الناس الذين كانوا يعيشون في هذه العشوائيات حق لهم ليكونوا مثل غيرهم من أبناء الشعب.

إن التغيير مطلوب عندما يكون هناك تقصير أو سوء إدارة. وبوصفي من المتابعين لما يجري على الساحة المصرية وعلى تواصل مع الأصوات الواعية والحريصة على مصلحة البلد أدرك مدى ما تحقق من منجزات خلال السنوات العشر الماضية، رغم الظروف الاقتصادية القاسية، ومحاولات التشكيك.

دعوة من القلب لأهلنا من أفراد الشعب المصري، حافظوا على بلدكم واحرصوا على مكتسباتكم، وخذوا العبرة من حال البلدان الأخرى من حولكم.. ولكم التحية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4pu7d42k

عن الكاتب

رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"