خوارزميّات لغة الدجاج

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

إلى أين الذكاء الاصطناعي؟ في كل مطلع شمس يتجاوز ما أنجزه بالأمس. ذكرنا كيف قرأ ألواحاً سومريّةً تعود إلى ما قبل خمسين قرناً، ففاجأنا نبأ قراءة الآلة الذكية، صوتيّاً، نصوصاً للغاتٍ قديمة، وإذ بهذه الأعاجيب تجبّها قفزة خوارزميات عملاقة. هل صار التواصل اللغويّ بين الإنسان ومخلوقات عالم الحيوان قاب نقرتين أو أدنى؟ لقد جعله علماء يابانيون واقعاً مشهوداً. رئيس فريق هذه البحوث في جامعة طوكيو، لا شك في أنه يتبسّم لقول شاعرنا ابن الرومي، الذي قال عن شعره: «لكنه ليس منطقاً بعث الله به حجةً لمن جحدهْ... ولا أنا المفهمُ البهائمِ والطيرِ سليمانُ قاهرُ المردةْ... ما بلغتْ بي الخطوبُ رتبةَ من.. تفهمُ عنه الكلابُ والقردةْ».

لكنّ علماء فريق البحث ليسوا هم أهل الإنجاز الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي هو الذي توصّل إلى فكّ رموز لغة الدجاج، وعمّا قريب سيتسنّى فهم تفاصيلها. برنامج الخوارزميّات الذي برمجوا به الذكاء الاصطناعي اسمه: «التعلم العميق للتحليل العاطفي». هو مقاربة بالرياضيات تسمح بفهم الفوارق بين الحالات العاطفية من خلال معطيات سمعيّة. بالمناسبة: يرجو القلم ألّا تتكدر نفوس المثقفين العرب الأعزاء، حين يهمس في سمعهم: إن المفاهيم الكبرى في المنظومات الثقافية تشهد تحوّلات لم يعرفها تاريخ الثقافة في العالم، جرّاء تغلغل العلوم في كل الميادين.

هذا مثال من هذا الموضوع: لقد عمل رئيس الفريق مع ثمانية من علماء علم نفس الحيوان، والجرّاحين البيطريين، الذين حللوا مئتي ساعة من قوقآت ثمانين دجاجة. غذّى الفريقُ الذكاءَ الاصطناعي بمئة ساعة من القوقآت التي تقترن كل واحدة منها بحالة نفسية أو عاطفية محدّدة، ثم خزّنوا فيه مئة ساعة من تسجيلات القوقأة، فنجح في التشخيص بنسبة 80%. كأنك تقول إن جنيناً ولد البارحة، واليوم نجح في الثانوية!

هل سيعجل لسانك بالقول: وما دخل ذلك في الثقافة؟ المسألة أبعد بكثير من التجاوب بين علم النفس والجراحة البيطرية والعواطف التي هي في ملعب العلوم العصبية، أمّا التعبير عنها صوتيّاً فهو ضمن التحليل التشريحي لمنظومة إصدار الأصوات. تأمّل الديك كيف تتحول رقبته إلى آلة نافخة حين يصيح. التحوّلات الثقافية الفكرية الفلسفية بأبعادها الاجتماعية تتمثل في قول رئيس الفريق: «إنها البداية، وستتوسع دائرة الحيوانات». يضيف: «ستكون الاكتشافات مفيدةً لأصحاب تربية الدواجن، الذين سيفهمونها على نحو أفضل. إذا استطعنا أن نعرف أحاسيس الحيوانات، فإن ذلك سيمكّننا من إيجاد عالم أفضل لها». (المصدر: الموقع الفرنسي: جورنال دو نت: صحيفة الشبكة).

لزوم ما يلزم: النتيجة الامتدادية: هل يعني ذلك أن فهم أحاسيس البشر يمكّن من إيجاد عالم أفضل لهم؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3myyn7ap

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"