عادي

أحمد العامري: « الشارقة للكتاب » الأكثر تأثيراً على مستوى العالم

00:03 صباحا
قراءة 6 دقائق
أحمد العامري: « الشارقة للكتاب » الأكثر تأثيراً على مستوى العالم

الشارقة: «الخليج»

في كل عام يحمل إلينا معرض الشارقة للكتاب كل ما هو جديد في عالم الكتاب والثقافة والفعاليات المختلفة ذات الصلة بعادات الشعوب، وتراثها، وإبداعها، وكما عهدناه، يراكم المعرض منجزات نوعية وضعته في مصاف معارض الكتب العالمية، وفي مقدمة المشهد الثقافي الإنساني، وحول واقع المعرض ومستقبله، وحول منجزاته النوعية، نحاور أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، حول ما وصل إليه المعرض وما سوف يحققه من تراكمات في المستقبل.

* ونحن نحتفل اليوم بانطلاق الدورة 24 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، كيف تنظرون لمكانته ودوره اليوم وفي المستقبل؟

- المعرض اليوم هو الأكثر تأثيراً في المشهد الثقافي ليس العربي فقط، بل والعالمي أيضاً. هكذا ننظر للمعرض بموضوعية ومن دون مبالغة، فهو يستحق هذه المكانة بجدارة لأسباب عدة، في مقدمتها الدعم اللامحدود من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. في العالم أجمع، لا تجد معرضاً للكتاب يعد مشروعاً شخصياً لحاكم، أو قائد، ويحظى بهذا الاهتمام المجتمعي من الشارقة، ودولة الإمارات، والوطن العربي، والعالم أجمع.

لقد أراد سموه للمعرض أن يكون مشروعاً عالمياً بامتياز، وحاضناً لثقافة 461 مليون إنسان من 22 دولة عربية، وأن يشكل جسراً حيوياً بين الثقافة العربية، ونظيراتها من ثقافات العالم. الشارقة تعمل بكل ما أوتيت من قوة وإيمان ومحبة لتحتضن الثقافة العربية وتعزيز عناصر قوتها وتدعم حضورها الدولي، لترسيخ المكانة التي تستحقها ثقافتنا وتتناسب مع حجمها وتأثيرها، على مستوى العالم أجمع.

هذه الرؤية، مدعومة بتوجيهات وقيادة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب. على المستوى المحلي للشيخة بدور دراية كاملة بالحالة الثقافية وتجلياتها من احتياجات للناشرين والكتاب، وكل أطراف الصناعة الإبداعية من خلال دورها الثقافي الشامل، وبشكل خاص قيادة جمعية الناشرين الإماراتيين، وعلى المستوى الدولي، تمتلك الشيخة بدور رؤية شاملة حول الحالة الثقافية الإنسانية، وتحدياتها، ونقاط قوتها من خلال منصبها الذي قادت من خلاله الاتحاد الدولي للناشرين، ومن خلالها علاقاتها الوثيقة مع مجتمعات النشر الدولية، وما ساهمت به من برامج ومبادرات سباقة لدعم حركة النشر، وليس من السائد أن نجد شخصية ثقافية تمتلك أسرار المشهد، المحلي والدولي، في وقت واحد، ومنخرطة في علاقات وثيقة مع رواد صناعة الكتاب في كل العالم.

من هذه الزاوية نقرأ مستقبل معرض الشارقة الدولي للكتاب، ونستشرف مكانته في المحافل الدولية، ورؤيتنا هي أن يكون المعرض الأول عالمياً على كل المستويات، وبشكل خاص على مستوى تعزيز دور الكتاب والثقافة في بناء العلاقات والصداقات بين الشعوب، ودعم طموحات المجتمعات في التنمية والازدهار.

نجاح مستدام

* قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي إن المعرض أصبح واحداً من أهم المنجزات العربية خلال السنوات ال50 الماضية، كيف نقرأ أبعاد هذا التصريح؟

- المعرفة أصل كل شيء ناجح ومستدام، لو تحدثنا عن التنمية ستكون كلمتنا الأولى حول المعرفة، ولو تحدثنا عن القيم الاجتماعية والاستقرار والازدهار، سنبدأ بالمعرفة أيضاً، وكذلك الحال بالنسبة للعلوم والمهارات والابتكارات والجهوزية للمستقبل، جميعها تتقاطع عند سر واحد، هو المعرفة، والكتاب الذي يعتبر المعلم الأكبر في كل زمان ومكان، لهذا، عندما يكون لدينا فعالية ثقافية مختصة بالكتاب والقراءة بهذا الحجم والتأثير، فنحن نؤكد مبدأ التعلم مدى الحياة، وهو المبدأ الذي بات حيوياً جداً في العصر الحديث بتطوراته الدائمة ومتغيراته السريعة.

لقد أصبح المعرض تظاهرة شعبية واجتماعية، وهناك تفاعل غير مسبوق بين المعرض والجمهور على مستوى القراء، وليس على مستوى النخب المتخصصة فقط، وهذه حالة تستحق التوقف عندها لما لها من دور كبير في ترسيخ عادة القراءة. ولا أعتقد أن هناك معرضاً آخر في العالم يجذب في كل دورة نحو مليونَي زائر في دلالة على الاحتضان المجتمعي من كل الفئات والجنسيات لهذا المنجز الثقافي الكبير، لذلك نحن نحرص على فعاليات ترضي جميع شرائح الجمهور، حيث يلتقون بكتّابهم المفضلين، ويتعرفون إلى دور نشر، وإصدارات جديدة قد لا توفرها الأسواق، ويشاهدون فعاليات تعكس ثقافات مجتمعات العالم، وطقوسها وعاداتها. هذا المعرض لأجل الإنسان وسيبقى كذلك دوماً.

نحن الآن في مرحلة تشكل فيه الهوية الراسخة جسراً لبناء علاقات متكافئة مع الثقافات الأخرى، وحصناً ضد كل السلبيات التي يمكن أن تحرف الأجيال عن دورها التنموي الإيجابي، أو تضعها في حالة من اللامبالاة أمام القضايا المجتمعية والتطويرية والإنسانية أيضاً، المواطن الإيجابي هو مواطن قارئ، مثقف، متعلم، وواع بأهمية العلم والمعرفة في تطور الأمم ونشوء الحضارات وأسباب رفعة الشعوب واحترامها من قبل نظيراتها في العالم.

لكل هذه الأسباب نتفق جميعاً، مع الشيخة بدور القاسمي، عندما وصفت معرض الشارقة الدولي للكتاب بأنه من أهم المنجزات العربية خلال السنوات ال50 الماضية، وسيظل رافعة للوعي والثقافة في كل ساحة يستنهض الفكر والحوار، ويحتضن المثقفين والناشرين وأصحاب المكتبات من كل أنحاء العالم، ويمنح الكتاب فرصة للتعريف بأعمالهم وتوثيق العلاقة مع جمهورهم.

*في دورتي عامي 2021 و2022، وصل المعرض إلى الأول عالمياً، في بيع وشراء حقوق النشر، ما هي أهمية هذا الإنجاز لكافة أطراف صناعة الكتاب و للمشهد الثقافي بشكل عام؟

- جاء هذا الإنجاز تتويجاً لتراكمات نوعية حققها المعرض خلال مسيرته منذ 42 عاماً. أن يكون المعرض الأول عالمياً في بيع وشراء حقوق النشر فهذا يعني أنه الأول عالمياً من حيث الثقة والشفافية، ومن حيث حضور دور النشر والناشرين وكل المشاركين في صناعة الكتاب.

وتنشيط حركة بيع وشراء حقوق النشر لها فوائد مهمة للجميع، وفي مقدمتها تعظيم تحقيق العوائد المالية، بالنسبة للمؤلفين وأصحاب الأعمال الإبداعية، كما تدعم عملية البيع والشراء انتشار النصوص والوصول إلى أسواق جديدة، والتعرف إلى الناشرين والكتّاب على حد سواء، إلى جانب أنها تشمل حماية حقوق المؤلف التي تسجل وتوثق خلال بيع حقوق النشر، وفي هذا السياق لعب المعرض دوراً كبيراً في تحفيز الإبداع والإنتاج الثقافي وتسهيل التبادلات بين الناشرين.

من ناحية أخرى، تدعم هذه العملية حركة الترجمة وتسهل عمليات اكتشاف الإبداعات وترجمتها، ولطالما قلنا إن الترجمة هي أوسع نافذة للتبادل الثقافي والتواصل العلمي بين الشعوب، وهي جسر يتفوق في استدامته وقوته على كل الجسور الأخرى. نحن نرى أن هذا المنجز إشارة قوية لما ذكرناه سابقاً، حول أن يكون المعرض، المنصة الأكثر موثوقية للناشر والكاتب ومصمم الغلاف والمترجم وصاحب المكتبة، وبالتالي الأول عالمياً بين معارض الكتب.

رسائل

* اخترتم شعار «نتحدث كتباً» عنواناً للدورة الجديدة، أي رسائل تودون إيصالها من خلال هذا الشعار؟

- من خلال شعار «نتحدث كتباً» أردنا التأكيد على أهمية الكتاب والقراءة في حياتنا، وممارساتنا اليومية، وبشكل خاص في علاقاتنا وحواراتنا، وفي تشكيل تصورنا حول العالم. كل حديث يعبر عن اهتمام جدّي ونوايا مثمرة هو حديث كتاب، التقدم التقني والعلمي والاجتماعي هو نتاج حديث الكتب التي تقدم المعارف حول كل مسار من حياتنا، كذلك التطور في المشهد الفني والأدبي، والتطور في المهارات والمواهب هو نتاج لما تقوله الكتب، وما ينطقه أصحاب الخبرة والرأي، الذين ينهلون من علوم الكتاب.

لقد أردنا أن نقول من خلال الشعار إن الفكر الإنساني والسمات الشخصية لكل فرد هي نتاج الكتب، لذلك كل قول، أو موقف، أو ممارسة تنبع من قراءاتنا، كأننا نعيد التصريح بما قرأنا أمام الناس.

على صعيد آخر، وعلى الرغم مما حققته وسائل التواصل الاجتماعي من انفتاح وسهولة تواصل، إلا أننا نشهد التباساً في لغة التفاهم، وبشكل خاص على المستوى الشعبي بين الناس، من ثقافات وهويات مختلفة، وهذا دليل على أن الانفتاح بلا معرفة ليس بالضرورة أن يصل إلى نتائج إيجابية، لذلك أردنا أن نقول إن الكتاب لغة مشتركة تجمعنا، وتجمع العالم في سياق واحد، وأن الكتاب لغة حضارة ولغة تقدم ولغة بناء، والأهم أنه لغة حوار وتبادل خبرات وتجارب.

مسار تصاعدي

وفق ما أعلنتم في مؤتمركم الصحفي، تسجل الدورة الجديدة أعلى مشاركة في بتاريخ المعرض ب 108 دول، ما الذي يفسر هذا التنامي السنوي في المشاركة؟.

إجماع ثقافات العالم على مشروع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ودور ومكانة إمارة الشارقة في دعمها للناشرين والمبدعين، في اتساع دائم، نحن نتحدث عن 108 دول، ممثلة بأكثر من ألفي ناشر وعارض، يعني أكثر من نصف دول العالم ستشارك في المعرض، وعدد أكبر بكثير من ذلك سيكون حاضراً على مستوى مشاركين ومنظمين فعاليات ومتحدثين وجمهور.

ونحن حريصون على أن يكون مسار المعرض تصاعدياً، ونمتلك الإمكانات والرؤية والإرادة للحفاظ على هذا المسار، وسيقدم المعرض في هذه الدورة أكثر من 1.5 مليون عنوان.

جذور تاريخية

قلنا دائماً إن معرض الشارقة الدولي للكتاب يستهدف كل الفئات والأعمار، وترجمة لهذا ينظم المعرض هذا العام 1700 فعالية متنوعة، يشارك فيها أكثر من 215 ضيفاً، من 69 دولة، إلى جانب أن «الشارقة للكتاب» ينظم للمرة الأولى معرضاً تاريخياً بالتعاون مع جامعة كويمبرا البرتغالية، يضم 60 قطعة من المقتنيات الأثرية النادرة، في تأكيد على أهمية الجذور التاريخية للمسار الثقافي العالمي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ww5xrht6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"