مؤلفات تنافسية

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

الكتب سلع إبداعية وفكرية، محلها من الإعراب أرفف المكتبات، وفي معية معارض الكتب، المحلية منها والخارجية، فبين معرض كتاب مضى طاوياً أوراقه بما احتوت عليه من بيانات واستبانات وأرقام قياسية، وبما زخرت به من بضائع ثقافية، ومعرض آخر قادم غداً وفق استراتيجية قائمة بمقتضى خطط وأهداف تنموية، وفق رؤى مستقبلية، وتنبؤات بحصاد ثمار أكثر نضجاً من سابقاتها.

ثمة معرض كتاب نعيشه اليوم ونتعايش مع أحداثه من فعاليات، وأحاديثه من انطباعات أركانه من شخصيات بشرية واعتبارية؛ من مؤسسات ثقافية، ومن منظمين وناشرين، ومرتاديه من مثقفين مشاركين فيه أو زائريه، من مختلف الجنسيات والأجناس والفئات العمرية والفكرية.. وفي كل معرض ثمة مخرجات من كتب بكل لغات العالم، وفي كل صنف ولون وجنس كتابة.. منها ما هو بلغته الأم، ومنها بلغة أخرى مترجم بها وإليها.. وفي كل الأحوال، تنشأ تنافسية بين المعارض والكتب والمؤلفين، على نحو واضح وحديث، حديث التاريخ والجغرافيا.

فأما التنافس القائم بين المعارض، ففي المقام الأول يتنافس المعرض مع نفسه بما حققه من منجزات في ما مضى من دورات، مع الأخذ بعين الاعتبار ما أنجزته المعارض الأخرى في العام نفسه، أو في أعوام سابقة، سعياً إلى تقديم المتميز من الأفكار والرؤى وفق ما يشهده العالم من تطور في مجال النشر والفكر الثقافي.

وأما المؤسسات الثقافية المعنية بالنشر، وسائر دور النشر، فهي معنية باستقطاب المزيد من المؤلفين صُنّاع الكتب، ليكونوا ضمن خارطتهم الذهنية، لتكون إبداعاتهم ضمن قائمة إصداراتهم بما يضاعف من أسهمهم في مجال النشر.

أما المؤلفون، فإنهم في نطاق التنافس الإبداعي الفسيح، على صعيد أنفسهم أولاً بما يدفعهم إلى الإتيان بما هو جديد ويضيف إلى سيرتهم الإبداعية، وبما يجعلهم في دائرة الضوء، وفي ميدان التنافس مع أقرانهم من المؤلفين.. سواء في المجال الإبداعي الواحد، أم في مجالات إبداعية أخرى.

تلك هي المعادلة التنافسية التي أطرافها معارض الكتب، ومؤسسات ودور النشر، والمؤلفين المبدعين في مختلف مجالات الكتابة، الإبداعية الأدبية، أو البحثية التاريخية أو التراثية، أو الحقول البحثية الأخرى، أو في عموم الكتابة الثقافية الفكرية أو العلمية.

إذاً؛ الميدان رحب، والتنافسية الإيجابية مطلب من مطالب الحياة الثقافية في مجال النشر، وعلى المبدع أن يتصالح مع ذاته أولاً، ومع أدواته الإبداعية في حقول الكتابة التي يتقنها ويتربع على عرشها، وعليه أن يتفاعل مع المشهد الثقافي بإيجابية يُحمد عليها، بفرح يبديه إزاء نجاحات أقرانه من المؤلفين، والسعي إلى رفد المشهد الثقافي بمؤلفات تضيف إلى رصيده الخاص أولاً، وإلى الرصيد العام ثانياً وثالثاً.. ولا يتأتى ذلك إلا بامتداد يد التأييد، والدعم المادي، والعون المعنوي، من قبل المؤسسات الثقافية ودور النشر.. فمؤسسات النشر، والمؤلفون، والمؤلَّفات، أضلاع المثلث الثقافي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5a8z576k

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"