ليست آخر الحروب

00:43 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم تكن حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، «آخر الحروب ونهاية الآلام»، كما بشّر الرئيس المصري الراحل أنور السادات في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1977، ولا وضعت اتفاقية كامب ديفيد الموقعة في 17 ديسمبر/كانون الأول 1978 حداً للاحتلال والتوسع والاستيطان. كذلك فإن الحرب الحالية على قطاع غزة التي دخلت يومها الرابع والثلاثين لن تكون آخر الحروب، بل سوف تتناسل بأشكال مختلفة، وعلى جبهات مختلفة، طالما هناك احتلال وإصرار على رفض التسوية السياسية، وإمعان في العنف والقتل والتدمير.

السلام الحقيقي لا يكون اسماً على مسمى ما لم يقترن بالعدل، وليس على احتلال أراضي الغير، ولا يسوّغ لإسرائيل أن تطلب ما تنكره على الشعب الفلسطيني من حقوق تاريخية ثابتة.

إسرائيل منذ إنشائها، أباحت لنفسها انتهاك كل القرارات والقوانين الدولية والإنسانية، وتعمدت إنكار حقوقالشعب الفلسطيني ووجوده، وراحت تمارس في حقه شتى أشكال العنف والقهر والتهجير والاستيطان والتوسع.

لقد بددت إسرائيل كل فرص السلام والجهود التي بذلت، بدءاً من إطار السلام الذي وضعه مؤتمر مدريد عام 1999، مروراً باتفاق أوسلو، كما ظلت تماطل على مدى أكثر من خمسة وعشرين عاماً في مفاوضات عبثية مع السلطة الفلسطينية.

في خطابه أمام الكنيست توجه السادات إلى قادة إسرائيل بالقول: «أمامنا الفرصة سانحة للسلام، وهي فرصة لا يمكن أن يجود الزمان بمثلها، إذا كنا جادين حقاً في النضال من أجل السلام».

بذل العرب كل جهدهم لتحقيق السلام العادل، والتخلي عن كثير من الحقوق، وقدموا مبادرة للسلام في قمة بيروت عام 2002 تقوم على أساس «الأرض مقابل السلام»، أي انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، مقابل السلام الشامل والعادل، لكن هذه المبادرة قوبلت بالرفض.

وطوال الفترة التي تولت فيها الولايات المتحدة دور «راعي السلام النزيه»، لم تحقق أي خطوة إيجابية باتجاه الحل، لأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت منحازة بالمطلق إلى إسرائيل، كما أن دعواتها لقيام الدولتين كانت مجرد شعارات بهدف تمكين إسرائيل من فرض الأمر الواقع الذي تريده، أي شطب الحقوق الفلسطينية.

إن الحرب الحالية على غزة، رغم نتائجها الكارثية الإنسانية المهولة، قد فرضت وقائع جديدة لا يمكن للعالم أن يتجاهلها، وهي أن لا سلام في المنطقة من دون الحقوق الفلسطينية، وأن المجتمع الدولي، وخصوصاً في الغرب، عليه أن يعيد النظر في كل سلوكه السياسي، ويتخلى عن دعمه الأعمى لإسرائيل والقبول بالتسوية السياسية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، وخصوصاً إنهاء الاحتلال، والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير مصيره، ومن بينها إقامة دولته المستقلة على أرضه، وإطلاق مسار سياسي جديد ومحدد بفترة زمنية لإنجاز هذه المطالب، من خلال مرجعية دولية واضحة وملزمة لكل الأطراف، بمعزل عن التفرد الأمريكي المنحاز.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3yxcjvsa

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"