صروف جردة حساب الظروف

01:27 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تذكر تلك العبارة التي كان لها رواج لدى الأقلام: «وقفة تأمّل»؟ ما رأيك في أن نحاول إنعاشها بتنفس اصطناعي؟ اليوم ليس في مقدور أحد أن يتأمّل، لا من الأمل ولا من التأمّلات. لكنّ على المصاب بمحنة الإعلام أن يخترع فرصة يُعدّ فيها جردة حساب للمشهد كما يراه من موقفه. لا يدّعينّ أحد أنه خارج الكوكب والمنظومة.

يقيناً، إطار جردة الحساب هو العالم العربي بكامله. منذ الوهلة الأولى، ستراك على عتبة الكاريكاتور. معذرة، في هذه الظروف العصيبة المصيبة، ستكون مترفّعاً عن استحضار صورة سيخ الشاورما، منطلِقاً في طرح البلدان التي هي خارج التنمية تماماً، تليها تلك التي مُنيت بالفشل سوى أنها قابلة للحياة، أو كما قالت زوجة صخر، أخي الخنساء، عنه بعد إصابته: «لا حيٌّ فيُرجى، ولا ميّتٌ فيُنعى»، أو مثل قط عالم فيزياء الكمّ «شرودينغر»: حيّ وميّت في آن. ثمّة بلدان عربية أخرى أوضاعها صعبة ولا نقول متردّية، فلا أمل في عونها. قل إن شئت ينطبق عليها قول الشاعر: «ولو لم يكن في كفّه غير نفسهِ.. لجاد بها فليتّقِ الله سائلهْ». من دماثة الخلق ألاّ تقول: «جئنا به يشفع في حاجةٍ.. فصار محتاجاً إلى شافعِ». تلك ذوات تنميات متعثرة «والمشغول لا يُشغل». تبقى أقليّة قليلة حققت تنميةً ورخاءً اقتصاديّاً، غير أنها لا تستطيع أن تتحمّل كل آثار ضروب الخلل في تاريخنا المعاصر.

ذلك هو الإطار العام الذي يجب النظر من خلاله إلى الخريطة العربية، لندرك ببالغ الأسى أن ما نتحدث عنه كعالم عربي، إنما هو في الواقع لعبة «بازل»، منقوص القطع، كما لو كان فريقاً رياضيّاً يلعب بنصف أفراده في مباراة مصيرية. علينا أن نعكف على إعداد جردات الحساب التفصيلية. لا بدّ من التحلي بالعقلانية والاستشرافية بعيداً من الإحباط والتثبيط، حين نواجه حقيقة أن العالم العربي في مجموعه المتشكل من اثنين وعشرين بلداً، لا يحتل موقعاً فاعلاً في الحلبة العالمية للعلوم والتقانة.

معنى ذلك أنه لا يمثل كفّةً راجحةً أو حتى قابلةً للتوازن في ميزان الاقتصاد العالمي. خذ مثلاً: من أعنف حروب الكواليس بين الولايات المتحدة والصين، حرب أشباه الموصلات ومعالجات البيانات والمواد النادرة. العالم العربي لا يزال في الصفحة الأولى من الثورة الزراعية، فمتى الثورة الصناعية، وثورة المعلومات والاتصالات، والذكاء الاصطناعي. والبقيّة تأتي. السؤال الحرج المتداعي هو: هل صورة خريطة «البازل» نذير لم يضعه العرب نصب العين؟ إنه بلا شك نقص في المناعة سيعاني الجميع تبعاته.

لزوم ما يلزم: النتيجة الإلزامية: للأسف، تلك معضلات لا يحلها غير العرب أنفسهم، لأن العالم كله ينظر إليهم كعالم عربي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24w3aftv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"