الثقافة في جردة الحساب

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يُعقل أن نطرح من جردة الحساب، دور الثقافة والمثقفين والإعلام والإعلاميين؟ كان الحديث أمس عن الإطار العام، عن صورة الخريطة العربية في ساحات الفعل الدولية. لا حاجة إلى تكدير مزاجك بقول الشاعر: «وما أكثر الاخوان حين تعدّهّم.. ولكنهم في النائبات قليلُ». لكن هذا هو المدخل المناسب إلى السؤال النكديّ: ما الذي جعل الثقافة ومكوّناتها في العالم العربي تتدرّع بالحروف والكلمات، وتتمترس وتتخندق بالجمل، الاعتراضية التي لا محلّ لها من الإعراب، بخاصة؟

مستبعد إلى أبعد الحدود، أن يكون المثقفون العرب قد طرحوا ذلك السؤال بجدّ البحث العلميّ، وأرادوا الوقوف على الأسباب التي جعلت مكوّنات الثقافة من أجناس الأدب والفن، تؤخذ على أنها مستحضرات تجميل للحياة، وليست في صميم شرايين الحياة والكينونة والوجود، كأن تكون مزهريةً، لوحةً على الجدار، تمثالاً في زاوية.. أمّا أن يتدارس المعنيون الثقافة كقضايا فكريّة مصيرية فمنال عزيز. الثقافة ليست بمعزل عن الاقتصاد والتنمية الشاملة ومتطلبات النهضة العلمية والتقانية، وإلاّ فلا تستقيم في العقل والمنطق لا ثقافة ولا دور للمثقف.

فلنأخذ الأمور ببساطة. كلمة عرب مشتقة من العربية، من دون الوقوع في مسألة البيضة والدجاجة. من اليسير الحسم بأن قوماً تكلموا العربية ثم سُمُّوا العرب. في الأرشيفات ألوف الدراسات التي تناول أصحابها علل تردّي أوضاع لغتنا، ومع احترام الجهود التي تراكمت على مدى عقود، فإنها لا تقدم ولا تؤخر، وهي أهل للرفوف في المراحل الأولى، وستكون مفيدة في ما بعد. الحل الناجع هو علاج ضعف العربية وعلل نقص مناعتها. الداء العضال كامن في أن الأمّة لا وزن لها في إنتاج العلوم عالميّا، إنتاج العلوم يعني شموخ مراكز البحث العلميّ بفضل المؤسسات التعليمية الرائدة، يعني القوة الاقتصادية المتطورة الحديثة المنتجة، يعني أن الأنظمة (ولا نملّ التذكير) أطعمت شعوبها من جوع، وآمنتهم من خوف، لأنها أمِنت الغوائل بطول القنا لا بالتمائم.

ما هي إذاً الطريقة المثلى لتأسيس هذه الثقافة الفاعلة؟ يجب أن تكون هي الرسالة التربوية التي تقام عليها أنظمة التعليم. من العجب تصوّر أن تكون للعرب لغة أو ثقافة قوية مزدهرة فارضةٌ وجودَها على الساحة الدولية، بينما هم ضعفاء متعثرةٌ تنميتُهم، عاجزون حتى عن إرساء قواعد الدولة في ليبيا والسودان ولبنان، مع اقتصادات متداعية في عدد آخر من الدول العربية، وشتات سياسيّ لا يجمعه جامع ولا جامعة.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاستتباعية: هل ثمّة داعٍ إلى استنتاج أن الإعلام العربي سيكون قطعاً صورة للمشهد العربي العام؟ استوديوهات الفضائيات العربية قمّة، والنتائج كنتائج القمّة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2kvwr25u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"