العلم ومفارقة البيضة والدجاجة

00:50 صباحا
قراءة دقيقتين

كم مضى من قرن على مفارقة البيضة والدجاجة؟ مسألة شغلت الفلاسفة والأدباء وعامّة الناس، ولم يستطع أحد حل لغزها. الحل الذي يريح الدماغ هو تلك العبارة الشهيرة في تراثنا: «والله أعلم»، وكان قدماؤنا يعزّزون عدم المعرفة بعبارة أظرف: «من قال لا أدري فقد أفتى»، وهي توهم المستسهل بأنه سيصل إلى مرتبة الإفتاء بغير علم. العلم حلّ القضية بكل بساطة. المقال الذي ينقل عنه القلم ويترجم من الفرنسية، نُشر بالتزامن في صحف ومجلات ومواقع شبكية شتى، ما يجعل التحقيق في أيها الأوّل طرفة بيضة ودجاجة أيضاً، فعدم ذكر المصدر احترام لها كافّة.

يعود ظهور البيض على وجه الأرض إلى مئتي مليون سنة. أمّا وجود الدجاج فلا يتجاوز العشرة آلاف عام، معنى هذا أن البيض سابق على الدجاج بعصور وأزمان. لكن المسألة ليست بهذه السهولة، فحين خرجت من البحر الفقريات الأولى لتعيش على اليابسة واجهت تحدياً كبيراً. لقد كان بيضها يشبه بيض السمك الذي تكسوه قشرة تفتقر إلى الصلابة كأنها إهاب أو غشاء فلم تكن قادرةً على البقاء سالمةً في الهواء الطلق.

البرمائيات مثل الضفادع حلّت مشكلتها بوضع بيضها في الماء، لكن ذلك لا يخلو من عقبات، فهي غير قادرة على العيـــش طويلاً بعيداً من الماء. أمّا الزواحف الأولى فقد ابتكرت حلاًّ جيداً هو أنها صــــارت تضع بيضاً عليه قشرة لا بأس بها مثل بيض السلاحف. لكن البيض الذي يشبه بيض الطيور في الصلابة ظهر بعد ذلك بعصور أي قبل 195مليون سنة. إنه بيض الدناصير، والمعروف لدى العلماء هو أن سلالات الدناصير هي التي نتجت عنها لاحقاً أنواع كثيرة من الطيور من بينها تلك الـــتي نعـــــرفها اليوم، ومنها الدجاجة التي ظهرت قبل عشرة آلاف سنة مع العصر الزراعي تقريباً، وهي طائر مستأنس. فهل هذا كافٍ لرفع الالتباس والخروج بسلام من المفارقة التاريخية.

لزوم ما يـــلزم: النتيجـــة التربوية: أمـــثال هذه المـــواضيع تضفي على المواد العلمية روحاً مرحةً تفتقر إليها المناهج العربية بلا ريب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/292d3cfh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"