نحو شم علميّ للمناهج

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

ما معنى الحديث عن أن الذكاء الاصطناعي صار قاب قفزتين خوارزميتين أو أدنى من يقظة الوعي وانبثاق الإحساس؟ ماذا لو قال لك الروبوت عند النوم: «نم قرير العين، فأنا عين ساهرة»؟ قطعاً، سيجفو جفنك الكرى. لكن سيناريوهات التطورات مستقبلاً غير قابلة للاستشراف.

عندما هزم الحاسوب «ديب بلو» بطل العالم في الشطرنج كاسباروف، كانت ردود الفعل ساذجةً، شابها التقليل من أهميّة الحدث، بأن المبرمجين خزّنوا في الحاسوب عدداً خياليّاً من المباريات. حتى الساعة لا يزال الكثيرون، لا يرون القفزات العملاقة بمنظار التحولات المصيرية، يستصغرون الخوارزميات، بينما هي تقطع في عام أو شهور أشواطاً قطعها أشباه الإنسان عبر المسيرة التطورية، في ملايين السنين، وقد استغرقت الرحلة من بدايات الإنسان العاقل (هوموسابيانس) إلى العصر الحجري، قرابة ثلاثمئة ألف سنة. هزيمة بطل العالم مضى عليها سبعة وعشرون عاماً فقط. تصوّرْ ما الذي كان يحدث على سطح كوكبنا، لو ظهرت بعد ألف أو عشرة آلاف سنة من ظهور الإنسان العاقل، أدمغة مثل عباقرة العلوم والفلسفة والآداب والفنون.

هو ذا الذكاء الاصطناعي يطوي مئات ألوف السنين في لمح البصر. سنة 1996، عام فوز «ديب بلو»، لم يكن الذكاء الاصطناعي شيئاً مذكوراً، كان برمجة بيانات ضخمة في حاسوب، فكيف أصبح أهل الاختصاص يتحدثون بما يشبه المسلّمات عن أن «الذكاء الاصطناعي العام» أضحى غير بعيد من الوعي والإحساس؟ في العام 2000 ظهر في الولايات المتحدة كتاب لعالم الأحياء جيرالد إيدلمان، عنوانه: «كيف تصير المادة وعياً»، إلى يومنا هذا لم يترجم إلى العربية!

ما يجب وضعه في الحسبان، هو أن العقول الاستشرافية والاستشعارية في مؤسسات التعليم والتربية العربية، لا تتلقف الأفكار وهي طائرة. كان عليها أن تقتنص الكتاب وتسأل: إلى أين هي العلوم سائرة؟ كيف يجب اللحاق بالركب؟ أمام صورة المادة التي انبثق منها خلق الحياة على الأرض («قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلقَ» العنكبوت 20)، هذا أعظم حثّ وحضّ على البحث العلمي. ثمّة فيزيائيون يرون أن المعلومات هي الشكل الخامس للمادة.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاستعدادية: ألا تستحق تلك التحولات تغييرات جذرية في المناهج، مع حاسة شم مستقبلية؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/57rcfant

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"