عادي

كتّاب يتجنبون عثرات الاستشراق

23:46 مساء
قراءة دقيقتين
الاستشراق الطليعي

يقدم الكتاب الصادر عن المركز القومي للترجمة بعنوان «الاستشراق الطليعي.. الآخر الشرقي في أدب رحلات القرن العشرين سرداً وشعراً» رؤية مؤلفه «ديفيد ليهاردي سويت» وهو من تلاميذ إدوارد سعيد، لجانب آخر من عالم الاستشراق، ربما يستكمل به رؤية سعيد، وذلك الجانب يتعلق بهؤلاء الطليعيين، أو بالبعض منهم، الذين يخرجون على المعتاد أو السائد، بحثاً عن الجديد والغريب، فيرفضون السلطة الاستعمارية، غير أنهم في الوقت نفسه، بصورة أو بأخرى، يدعمونها، ويستفيدون من انتمائهم إلى القوى الإمبريالية نفسها، التي يثورون عليها.

كما أن منهم من يثور على السلطة لصالح ضحاياها ثم يثور على الضحايا أيضاً حين ينتصرون، فهو ليس المناضل التقليدي الذي يعلي من شأن قيم إيجابية معينة، وكما يقول مترجم الكتاب علي الغفاري: هل كانت نظرة الطليعيين بأفكارهم عن الحرية، والجديد والخروج على التقاليد، إلى الشرق أفضل من رؤية الكلاسيكيين، أم كانت أكثر سوءاً ودونية، وانكفأت على الاهتمام بالذاتية لبعض كتابها، بصورة تجعلنا نراجع إعجابنا بأدباء نالوا شهرة وتقديراً هائلين ربما لا يستحقونهما».

لماذا أدب الرحلات الطليعي؟ ولماذا رحلات إلى ما يسمى الشرق؟، بالتأكيد لكل من إفريقيا ومنطقة جنوب المحيط الهادي والأمريكتين قدرة أفضل على جذب من يريد أن يستكشف مناطق غير معروفة بسبب تاريخ تلك المناطق، إذ وصفت بالمساحات غير المعروفة، التي يسكنها بدائيون يحتاجون إلى التحضر، من رامبو إلى أرتو وسيلين، يمكن أن نجد وفرة من الأمثلة التي تؤكد مثل هذه الفرضية.

من الناحية الأخرى، من الشائق أن نلاحظ أن الشرق مثل إفريقيا سرعان ما أصبح أداة إدراكية يستخدمها الطليعيون بغرض مهاجمة الغرب الذي يشعر بالرضا عن نفسه وهو يتمتع بالهيمنة السياسية والاقتصادية في القرن العشرين، كان اختلاف الغرب عن المناطق الأخرى يرجع جزئيا إلى بقايا إعجابه بعصوره القديمة، باعتبارها فترة حضارة، وباعتبار الشرق يمثل منافساً سابقاً وتهديداً.

يستكشف الكتاب أعمال كتاب طليعيين غربيين سافروا وكتبوا عن شمال إفريقيا وآسيا، وعلى الرغم من نظرتهم التي تسعى إلى الغريب البعيد، كان الكثيرون من هؤلاء الكتاب مناهضين للاستعمار ومن ثم تجنّبوا بعض عثرات الاستشراق الأكاديمي حيث تبنّوا رؤى جمالية تعتمد على التنوع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4pjxf8ua

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"