جرس تنبيه

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

نافذة لم تكن متوفرة للناس قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وصفحات ومواقع البحث على الإنترنت، كنا نعتمد على ما يرد إلينا في الكتب، وفي وسائل الإعلام، المكتوبة والمقروءة، كنا نسمع ما يقوله المتفوهون والمثقفون بصوت عالٍ، فنتلقى، ونستوعب، ونتأثر بما يقولونه، حتى المسلسلات كان صوتها أعلى، وتأثير كلماتها أعمق، لدرجة أنها كانت تصل للجميع، وتترك بصماتها في الجميع، حتى تلك الناطقة بالعربية الفصحى كانت تدخل كل البيوت، ويحفظها ويرددها الأميّ، والمتعلم، على حدّ سواء.. أما في ظل وجود النافذة العصرية، فأصبح للجهَلة صوت أعلى من صوت المثقفين، وفي ظل الانفتاح والتواصل الاجتماعي، حيث زادت فرص تلقي المعلومات من أي مكان، ازداد الناس جهلاً باللغة الفصحى، وتراجعت «العربية» بين المتعلمين أكثر من تراجعها بين محدودي التعليم، والأميين.
الاحتفال بيوم اللغة العربية (الذي كان بالأمس) يأتي كل عام بما يشبه جرس التنبيه، ودعوة تتجدد لوقفة نعيد فيها التفكير في مكانة اللغة والتي لا تنفصل عن الهوية والجذور، ورغم الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة، إلا أن ما نلمسه في الواقع يؤكد أن هناك تقصيراً في تنشئة الأجيال الجديدة والشابة، في البيوت والعائلات، والتي باتت تعتمد على ما يتلقاه الأبناء من مواد تعليمية في المدارس فقط، من دون بذل أي مجهود للحفاظ على العربية كلغة ينطقون بها، وتوعيتهم إلى جوهر ارتباطها بالهوية، والثقافة، والوعي.
لفتتنا كلمة دوّنها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، على حسابه في منصة «إكس»، والتي تحدث فيها بكلمات موجزة، ودلالات عميقة عن أهمية وعراقة اللغة العربية «التي كانت وعاء للعلوم والتقنية عبر العصور»، خاتماً كلمته بدعوة مباشرة إلى أولياء الأمور، قائلاً: «علّموا أولادكم اللغة العربية». البيت جزء أساسي، ومؤثر مباشر، وملهم للأبناء، له بصمته ودوره في التوعية والتوجيه، مهما بلغت قوة المؤثرات الخارجية، ومهما اشتدّت رياح «التغريب» عليهم؛ لكن للأسف، كثير من الأهالي يكتفون بدور التربوي الأخلاقي، ويتجاهلون استكماله بالدور التعليمي والتوجيهي، الذي يكمل رسالتهم، ويساهم في حسن استيعاب، وثقافة، ووعي أبنائهم.
شعار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لهذا العام، هو «العربية: لغة الشعر والفنون»، نتباهى بنغمتها، وبقوة تأثيرها في المشاعر، وبجمال مفرداتها، وقيمة رواد الشعر فيها، لكننا لا ننهل منها الكثير، ولا نحرص على تجميل مكانتها في عيون الآخرين بالقدر الذي تستحقه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vu7c64x

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"