التاريخ والذكاء الاصطناعي

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

ينظر البعض إلى علم التاريخ على أنه علم يهتم بتتبع الأحداث الماضية وحسب، وهناك من يرى أنه خفت وهجه مع التطور التكنولوجي، والثورة الاتصالية.
والحقيقة منافية لمثل هذه الآراء، بل الواقع، وما يقدمه هذا العلم مختلف تماماً، وبعيد عن مثل هذه الرؤية؛ لأن التاريخ يمنحنا الفهم الواضح لمسيرة الأحداث في مختلف أرجاء العالم، وبالتالي يساهم بشكل واضح في وضع القوانين والأنظمة والتشريعات، فضلاً عن الخطط والاستراتيجيات. التاريخ عبارة عن تراكم للأحداث والخبرات، والمواقف والتفاعلات البشرية، وهي في مجملها على درجة عالية من الحيوية والأهمية، عند دراستها تتحول إلى كنز معلوماتي لا يقدّر بثمن، كنز يساهم في فهم العقول والتوجهات، وأيضاً الأهداف التي وضعت، ومن خلال كل هذا، تتم الاستفادة والتعلم، التعلم بعدم تكرار الأخطاء التي سبق ووقع فيها الأفراد أو المجتمعات.
التاريخ كلمة عامة وشاملة، مهمته توثيق كل ما وقع في الماضي، وهو بمثابة صوت، أو وثيقة، أو منهج، أو علم نستمد منه كل ما وقع في العصور الغابرة، ثم تحليلها ودراستها، وهذا يعطي دروساً سواء عن الأخطاء أو المنجزات التي تحققت، وبالتالي، يشجع على تتبع الصواب من المخترعات، والزيادة فيها بالابتكار والتطوير.
ولعل من أهم أدوار التاريخ وأكثرها حيوية مساهمته الواضحة في مجال المحافظة على الهوية والثقافة المجتمعية، فضلاً عن القيم والمبادئ الأصيلة المتوارثة، فالتاريخ من أهم مصادر الهوية الوطنية، وهو المعين الذي تستمد منه الثقافات في الكثير من المجتمعات؛ لأن دراسة بعض أقسام التاريخ تمنحنا فهماً أوضح للأصول البشرية، والتراث والقيم والمبادئ، التي تم بناؤها على امتداد فترات زمنية طويلة، وتراكمت جيلاً بعد جيل حتى وصلتنا،. ولولا التاريخ، ودراسته، وفهمه، وتعمقه في هذه المجالات، لما وصلتنا بكل تلك النصاعة والوضوح. ولا ننسى أن فهم الماضي ومعرفته يقويان من مشاعر التقدير والاعتزاز والتعايش المشترك.
إن قائمة فوائد علم التاريخ، والحاجة له، لا تتوقف، ولا تنتهي، حيث يبقى علماً جوهرياً ومهماً في مسيرة البشرية، له أثر على مستوى الفرد والمجتمعات، ويبقى وهجه دائماً ومستمراً حتى في عصرنا الذي يتميز بثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعي.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3ejy6tm6

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"