نتنياهو و«تيتانيك» الإسرائيلية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

في أول رحلة لها من ساوث هاملتون إلى نيويورك، في العاشر من إبريل/ نيسان 1912، وبعد أربعة أيام من إبحارها اصطدمت الباخرة «تيتانيك» بجبل جليدي عند منتصف الليل، ما أدى إلى غرق 1517 راكباً من أصل 2223، لعدم تزويد الباخرة، التي كانت يومها الأضخم والأحدث، بما يكفي من زوارق الإنقاذ.

كان غرق الباخرة التي تعتبر «أيقونة البحار» كارثة حقيقية، بمختلف المعايير، وتم تحميل المسؤولية لربان السفينة، إدوار جون سميث، الذي لم يُعرف مصيره.

وفجر السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حدث ما يطلق عليه «طوفان الأقصى» الذي شكّل ضربة قاصمة لقوة الردع والأمن الإسرائيليين، ولكل أجهزة المخابرات بما تملكه من أدوات هائلة للمراقبة، والتتبع، والاستطلاع. وكان ذلك بالمعايير العسكرية يشبه غرق «تيتانيك».

لكن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي من المفترض أنه ربان السفينة الإسرائيلية، لم يختفِ، وظل معلقاً بقشة لعلها تكون خشبة الخلاص، من خلال شنّ حرب انتقامية مدمرة على قطاع غزة، ولم تحقق حتى الآن، أية أهداف من الأهداف المعلنة، وهي القضاء على المقاومة، واسترداد المخطوفين والأسرى، وإزالة التهديد الأمني الذي يمثله قطاع غزة.

ورغم أن ما حدث يمثل تحولاً في المشهد السياسي والعسكري الإسرائيلي، وأن إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لن تكون كما قبله، حيث فقدت إحساسها بالأمان، واهتزت ثقتها بنفسها، وتحطمت صورة جيشها، إلا أن نتنياهو يأخذ إسرائيل إلى مكان آخر، مستخدماً حرب الإبادة ضد المدنيين، غطاء لفشله، ومحاولة لترميم صورته، والسعي لإنقاذ نفسه من نهاية حتمية، تاركاً السفينة تغرق بمن فيها. فهو إضافة لفشله الأخير مع حكومته المتطرفة، يواجه محاكمة في تُهم بالرشوة، والاحتيال، وخيانة الأمانة، في عدد من القضايا، وقد قررت محكمة القدس، خلال الأسبوع الماضي، استمرار محاكمته.

يسعى نتنياهو لإطالة أمد الحرب لعلها تكون حبل النجاة، لكن من الواضح أن محاولته ستبوء بالفشل، وأنه كتب نهايته بيده، والمسألة مسألة وقت بانتظار نهاية الحرب.

وتشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية، إلى أن نسبة تأييده وتأييد حكومته صلت إلى الحضيض، ولا أحد يثق به.

الصحفي الإسرائيلي، يوسي فيرتر، كتب في «هاآرتس»، أن نتنياهو هو «الرجل الأكثر خطورة على وجود إسرائيل»، ودعا الكاتب، نحمي شترسلر، في الصحيفة إيّاها إلى «رحيل نتنياهو فوراً، ومن دون تأخير، وهو غير لائق لقيادة بلد»، أما الصحفية زيف ستال، فقالت «القصف العشوائي في غزة وقتل المدنيين ليس حلاً، وإنما يؤديان لأطلة أمد الحرب، والحزن، والفجيعة».

وعدا قيادات المعارضة التي تطالب كلها باستقالة نتنياهو لفشله في إدارة الحرب، إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، كان له رأي مميز بقوله «قاد نتنياهو التيتانيك الإسرائيلية، وأغرقَنا ونحن على متنها، والآن يطالب بوضع يده على مقود السفينة البديلة..علينا إسقاطه الآن فهو يشكل خطراً على إسرائيل».

ومع ذلك، يحاول نتنياهو تحقيق أي إنجاز كي يضعه في حسابه الذي يعاني الإفلاس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/23bwytts

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"