عادي
العلاجات الجينية تتربع على عرش الإنجازات

التطورات الطبية.. آمال جديدة بالشفاء

22:48 مساء
قراءة 6 دقائق

تحقيق: راندا جرجس
شهد العام المنصرم العديد من التطورات في مجال التكنولوجيا الصحية، وتستمر محاولات العلماء في مجال الأبحاث الطبية لتطوير التقنيات والعلاجات للتغلب على الأمراض، والمشاكل الصحية المختلفة بهدف تطوير جودة الحياة وتحقيق أمل الشفاء. وتربعت العلاجات الجينية ومزايا استخدامها في السيطرة على تطور الأعراض والمضاعفات، كما وفر دمج الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي الوسائل لمعرفة الكثير من المعلومات الصحية عن الفرد.

وفي السطور المقبلة، يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على أهم وأبرز التطورات التي أحدثت ثورة في مجالات الطب المتعددة وكيف تتواصل تبعاتها في الفترة المقبلة.

يقول د.أحمد باشا، أخصائي أمراض الدم والأورام: إن عام 2023 شهد اعتماد أول علاج جيني في العالم قائم على «تقنية كريسبر»، وذلك من هيئات تنظيم الأدوية في المملكة المتحدة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، والولايات المتحدة في 8 ديسمبر/كانون الأول، وهو يعالج مرض الخلايا المنجلية والثلاسيميا بيتا (الاضطرابات الوراثية التي تؤثر في الهيموجلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء والذي يحمل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم). وتؤدي الأخطاء في جينات الهيموجلوبين إلى تكوين خلايا دم حمراء هشة تسبب نقص الأكسجين في الجسم، وهي حالة تعرف باسم فقر الدم. ويعاني المصابون بمرض الخلايا المنجلية أيضاً الالتهابات والألم الشديد عندما تشكل هذه الخلايا جلطات وتعيق تدفق الدم، بينما يجب على المصابين بالثلاسيميا بيتا أن يحصلوا على نقل دم كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع.

ويتابع: يعمل العلاج الجيني المعتمد حديثاً، والمسمى «CASGEVY» على تصحيح جينات الهيموجلوبين المعيبة في الخلايا الجذعية لنخاع العظم لدى المريض حتى تتمكن من إنتاج الهيموجلوبين الفعال، وتجمع الخلايا الجذعية للمريض من نخاع العظم، قبل تحريرها في المختبر، ومن ثم غرسها مرة أخرى في المريض، ويمكن لعلاج واحد أن يعالج بعض المرضى مدى الحياة.

ويبين د.باشا أن إيمانويل شاربنتييه وجنيفر دودنا، مخترعي تقنية «كريسبر»، أو (التكرارات المتناوبة القصيرة المتجمعة والمتباعدة بانتظام) للعمل كأداة دقيقة لتحرير الجينات، حصدا جائزة «نوبل» في الكيمياء في عام 2020، و أن العلاج الجديد المعتمد عليها هو الأول من بين عشرات العلاجات المحتملة قيد التطوير لأمراض وراثية أخرى أو السرطان أو حتى العقم.

تقنيات طب العيون

يوضح د.محمد عماد عليلو، أخصائي طب وجراحة العيون، أن عام 2023 شهد في ثناياه تطورات مهمة في هذا المجال على الصعيد العالمي، تشمل تطوير أول مساعد آلي (روبوت) في الجراحة العينية، ونجاحات معتبرة في العلاج الجيني لبعض أنواع اعتلال الشبكية الصباغي، وفتح مجال جديد لإعادة بناء القرنية بطريقة حيوية.

ويتابع: تسجل أول مساعد جراح آلي في أوروبا باسم «preceyes»، فبعد أن تجاوز مراحل الاختبارات السريرية، أصبح قيد الاستخدام بشكل محدود في بريطانيا، هولندا، وسويسرا. ويمثل هذا الجهاز قفزة مهمة في زيادة دقة الجراحة المجهرية العينية، لا سيما في عمليات الشبكية، والقطع الزجاجي، حيث يمكن تزويد أدواته بحساسات إلكترونية لقياس المسافة بدقة فائقة، أو مجسات تصوير ضوئي مقطعي محوسب، ما يعطي الجراح فكرة عن بنية الشبكية ومدى استعادة مكانها الطبيعي بدقة فائقة، وآنياً أثناء العمل الجراحي، كما يقلل من إمكانية أذى الشبكية غير المقصود أثناء الجراحة.

ويضيف: يقوم هذا المساعد الآلي بدور الحاجز بين الجراح والمريض، ويعمل على إلغاء هامش الاهتزاز الطبيعي لليد البشرية (بحدود 156 ميكروناً)، ما يسمح بإجراء جراحات تصل دقتها إلى أقل من 20 ميكروناً مثل حقن مادة دوائية تحت الشبكية بمقدار 50 ميكروناً، أو حقن أدوية مضادة للسرطان مباشرة في الوعاء الدموي المغذي لكتلة سرطانية ما داخل العين. وعلى الرغم من استمرار تطوير هذه التقنيات لتجاوز عقبة الكلفة العالية والوقت الطويل الذي تستغرقه، فإنها تفتح الآفاق لمستوى فائق الدقة في الإجراءات الجراحية، وتمهد الطريق في المستقبل إذا دمجت مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، لظهور جراح آلي بالكامل يعتمد على توجيه بسيط من قبل الانسان.

ويذكر د.عليلو أن العام المنصرم شهد تسجيل نجاحات مقبولة في عمليات العلاج الجيني لبعض المشكلات، مثل نوع من مرض التهاب الشبكية الصباغي أقر منذ عامين وجاءت النتائج السريرية مشجعة بشرط اختيار المريض المؤهل للمعالجة بطريقة دقيقة من خلال إجراء تحليل جيني لاكتشاف نوع المورثة المتضررة، وحقن الجين المعاد تشكيله بطريقة صحيحة تحت الشبكية مع إعطاء الأدوية المناسبة التي تسمح باندماج هذا الجين ضمن بنية خلايا الشبكية لتفرز الصباغ المناسب، ما يحسن أداء الشبكية، وبالتالي الرؤية.

ويشير د.عليلو إلى أن 2023 شهد نشر بحث جديد وواعد حول طريقة حيوية لتعزيز نسيج القرنية المترقق، كما في حالات القرنية المخروطية، وذلك من خلال أخذ شريحة من نسيج القرنية (من متبرع) والقيام بعملية إزالة حيوية للخلايا الحية، وإعادة زرعها ضمن القرنية المترققة. وتسمح هذه الطريقة لخلايا القرنية، كما يؤكد، بالانتشار ضمن الطعم المزروع، ودمجه بصورة أقرب للطبيعية ضمن القرنية المستقبلة، ما يؤدي إلى زيادة سماكتها وتحسين الرؤية.

علاج الصدفية

يذكر د.محمود حلمي، استشاري طب الأمراض الجلدية، أن العلاجات الحيوية المتجددة هو مجال ناشئ تستخدم فيه مواد بيولوجية مأخوذة من مصادر حيوية مثل الإنزيمات أو الخلايا المعدلة وراثياً. ويشير إلى أن الصدفية إحدى المشكلات المزمنة غير المُعدية التي تصيب الأطفال والبالغين، نتيجة زيادة النشاط المناعي في الجسم، ما يؤدي إلى سرعة نمو الخلايا الجلدية، وأن درجة المرض تتراوح من بسيط إلى شديد.

وتسبب هذه المشكلة عيوباً تجميلية ظاهرة على الجلد، وتؤدي في بعض الحالات إلى تلف المفاصل، د.محمود حلمي.

ويضيف: يعتمد العلاج الحيوي المتجدد على التقييم الإكلينيكي لكل حالة، وغالباً يوصف عند تضرر أكثر من 10% من سطح الجسم، ومقاومته لطرق التداوي الأخرى مثل العلاجين الموضوعي، والضوئي، أو وجود موانع لاستخدام العلاج الجهازي، ويهدف إلى منع خلايا الجلد من النمو بسرعة وتراكمها ومن ثم إزالة القشور.

ويتابع: تؤخذ هذه العلاجات عادة عن طريق الحقن للذين يعانون الصدفية المتوسطة أو الشديدة، وتعمل على تغيير نمط الجهاز المناعي، ما يؤدي الى وقف دورة المرض وتحسين أعراضه ومؤشراته خلال أسابيع. ويجب توخي الحذر وإجراء كل الفحوص المعملية قبل البدء في العلاجات الحيوية وأثناء استخدامها، لأنها تنطوي على مخاطر تثبيط الجهاز المناعي بطرق تزيد من خطر الإصابة بعدوى شديدة.

أمراض القلب

يذكر د.سريرام كريشنان، أخصائي أمراض القلب، أن هناك العديد من التطورات الحديثة التي ظهرت في 2023، وانعكست إيجابياً على المرضى الذين يعانون مشكلات القلب والأوعية الدموية، ومن أبرزها الحقن مرتين سنوياً الذي يحمل وعداً جديداً لعلاج الكوليسترول.

ويضيف: يحقق اكتشاف العلاج الجديد لإسكات الجينات الذي طور الذين يعانون مرض الشريان التاجي، انخفاضاً كبيراً في نسبة الكوليسترول الضار، وبالتالي تقليل حدوث النوبات القلبية المتكررة؛ إذ تعمل الفئة الجزيئية الكبيرة من هذه الأدوية بالسيطرة على الجين الذي يعيق إزالة الكوليسترول السيئ من الدورة الدموية وبالتالي توفير تحكم طويل الأمد في كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة.

ويوضح د.كريشنان أن الدراسات الحديثة والتجارب السريرية أثبتت فاعلية الأدوية الموصوفة في المقام الأول للمصابين بداء السكري من النوع 2، وأنها تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتة الدماغية أو الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الذين يعانون السمنة أو زيادة الوزن وغير المصابين بالسكري، ويرتبط الدواء الذي يحسن عمل الأنسولين ويقلل الشهية بخسارة متوسطة تبلغ 10٪ من وزن الجسم.

ويؤكد د.كريشان أن العام المنصرم شهد زيادة في التركيز على صحة قلب المرأة؛ إذ وجد أن الحيض المبكر (أقل من 12 عاماً) يرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى الوعي المتزايد بمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المصابات بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات.

ويشير إلى أن اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل سبب رئيسي لوفيات الأم والجنين؛ إذ إن النساء اللاتي يعانين ارتفاع ضغط الدم أو السكري أثناء هذه الفترة، تكون لديهن فرصة أكبر لأمراض القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل، كما يشير انخفاض وزن الجنين عند الولادة إلى خطر التعرض لاضطرابات القلب مستقبلاً.

ويضيف: وجدت الدراسات أن انقطاع الطمث المبكر يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولذلك فإن فهم عوامل الخطر يسهم في تحسين المراقبة والكشف المبكر.

4 مستجدات للسكري

يبين د. نياس خالد، أخصائي الطب الباطني، أن التطورات الحديثة في داء السكري وأمراض الغدد الصماء تُظهر مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك تركيبات الأنسولين الجديدة، وأنظمة التوصيل الآلية، والعوامل الدوائية المبتكرة، ما يؤكد الالتزام المستمر بتحسين خيارات العلاج وتحسين نوعية الحياة للمصابين بالسكري. وحسب د. نياس خالد، تشمل هذه المستجدات ما يلي:

  1. الاستخدام الاستقصائي لبرنامج ترميز الأنسولين مرة واحدة أسبوعياً للبالغين المصابين بالسكري من النوع الأول.
  2. استخدام توصيل الأنسولين الآلي للحوامل المصابات، ما يهدف إلى تحسين التحكم في نسبة الجلوكوز في الدم، ويؤدي إلى نتائج جيدة للأم والجنين.
  3. العلاج الثلاثي التجريبي، وهو من الطرق الواعدة بنتائج جيدة لمرضى السكري من النوع الثاني، إذ يعمل كمنشط ثلاثي، ومن المحتمل أن يعالج مسارات متعددة تشارك في استقلاب الجلوكوز وتنظيم الأنسولين.
  4. ناهض مستقبلات «GLP1»، وأحرز تقدماً فعالاً لمرضى السكري من النوع 2، ومن المحتمل أن يقدم بديلاً مناسباً للعلاجات القابلة للحقن.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdcn3ymr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"