دائماً من باب الحنين

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

..هل للحنين باب أو أبواب؟؟

سؤال أو تساؤل ربما يمكن طرحه على باسكال ديبي أستاذ الإثنولوجيا في جامعة باريس الذي وضع كتاباً من 600 صفحة من القطع الكبير عن (الباب) ولم يترك باباً في باريس إلاّ وقرأه وقاربه مقاربة إثنولوجية كما يقول لنعرف أن هذه الأبواب التي نتعامل معها يومياً، نطرقها أو ندفعها أو نغلقها خلفنا أو نفتحها أو نتلصص من عيونها.. هي حقل ثقافي مترامي الأطراف كما يقولون، بل، إن كل ما هو أمامنا وفي إطار تعاملنا الحياتي اليومي معه هو أيضاً حقل ثقافي/.. تأملي../ بحثي.. من النافذة، إلى العتبة، إلى الشرفة، إلى خزانة الثياب، إلى المفتاح، إلى الكرسي، إلى الكنبة.. حقل ثقافي.. قرائي../ نفسي/ ووجداني/ وتأويلي...

غير أن حنيني هنا لم يكن تجاه باب، بل تجاه ثلاثة كتب قديمة عدت إليها البارحة، كتب شعر صغيرة لأصدقاء غابوا عن هذه الفانية وعلى أية حال فالكتب هي أبواب.

أعيد قراءة مقاطع من مجموعة (في وقتك الليلكي هذا انخطافي) للشاعر المغربي محمد الطوّبي، مجموعة مكتوبة بخط يده الجميل. لا هو رقعة، ولا هو نسخ، ولا هو ثلث.. خط محمد الطوبي وحده.

خطّه فقط بالحبر الأسود الغامق: رسم لوحات المجموعة وصممّ غلافها الفنان عبدالعليم العَمْري.. مجموعة صغيرة في 110 صفحات من القطع الصغير. .

«ولربما تتصفّحين وتصفحين» مجموعة صغيرة أيضاً للشاعر الأردني نبيل عطيّة، 86 صفحة صغيرة فقط، وكان صاحب حياة قصيرة صغيرة، لكنها كانت مملوءة بالسخرية والضحك الصامت الملموم، ربما لأنه كان يدخن (البايب).. ذاك المحامي القصير القامة، الكثير التردّد على رابطة الكتاب الأردنيين في جبل اللويبدة، لا ليحصل على مقعد في هيئتها الإدارية آنذاك في ثمانينات القرن العشرين، بل ليلتقي الشعراء المكتملين الحقيقيين، ولكي يسخر، وهو صامت من أنصاف الشعراء..

فواز عيد، شاعر من جيل الستينات، أحتفظُ بمجموعة له بعنوان (بباب البساتين والنوم) 1988، منشورات اتحاد الكتاب العرب، صمّم الغلاف، الفنان جمال الأبطح، وها قد نسيت أن أخبرك أن نبيل عطية ليس لمجموعته غلاف مصَمّم.. هكذا، غلاف عاري الرأس بلا لوحة ولا خطوط ولا ألوان.

أصدر فواز عيد أوّل مجموعة له في العام 1963 بعنوان (أعناق الجياد النافرة).

لم يعد أحد يتذكر شعراء من ذلك الزمان، ولم يعد أحد مشغولاً بفكرة عاطفية اسمها (الحنين).. حتى الحنين للأحياء.. ومن لديه الوقت والقلب ليحنّ إلى من هم في الغياب؟؟

.. ما أشرس زماننا هذا.. وما أثقل وحشته ونكرانه..

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yytypu9f

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"