عادي

«عرق النسا» آلام تُزعج عصب الساق

23:13 مساء
قراءة 4 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

تعد آلام أسفل الظهر المزمنة من المشاكل المنتشرة في العصر الحديث، وتُشكل الإصابة بعرق النسا أحد هذه الأمراض التي تظهر بعد بلوغ مرحلة الربعين، وتؤثر في العصب الوركي أكبر أعصاب الجسم والرئيسي في الساق والمغذي للطرف السفلي، وتنشأ هذه المشكلة نتيجة انضغاط أحد الجذور التي تشكل هذا العصب، وتمتد الآلام الشديدة من نهاية العمود الفقري آخر الجانب الخلفي من الفخذ والساق، ويمكن أن تتأثر أيضاً القدم والأصابع، ويصاحب الحالة الشعور بالتنميل والوخز، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

يقول د.تينكو خوسيه استشاري جراحة الأعصاب: إن «عرق النسا هو الألم المنتشر على طول مسار العصب الوركي، ويمكن أن ينتشر الألم من أسفل الظهر، عبر الوركين والأرداف وأسفل كل ساق، وعادة ما تظهر الإصابة في جانب واحد من الجسم، ويمكن أن يتفاقم هذا الألم الحارق أو الحاد بسبب السعال والعطس، ويصاب بعض المرضى بخدر وتنميل، وربما يكون هناك ضعف مصاحب في القدم إذا كان هناك ضغط شديد في جذر العصب».

ويتابع: «عادة ما يكون الألم مثل إحساس حارق في الطرف المصاب، ويمكن أن تكون الأعراض موضعية، وتزداد شدتها في وضع معين، كالانحناء، الالتواء، والسعال، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يظهر عرق النسا على شكل عجز عصبي مثل: الضعف في مجموعة العضلات، انخفاض القدم وضعف إصبع القدم الكبير وما إلى ذلك».

عوامل الخطر

يقول د.شارات كومار أخصائي جراحة الأعصاب: إن «الإصابة بعرق النسا تستهدف على الأكثر الرجال أكثر بثلاث مرات عن النساء الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و50 عاماً، ويرتفع معدل الخطر بهذا المرض لدى الذين يعانون الإفراط في الوزن وكذلك مع زيادة الطول على 185 سم وأكثر، ويتسبب التدخين في حدوث عرق النسا الحاد، كما ترتبط هذه المشكلة بالعوامل المهنية، النشاط البدني الشاق، مثل: رفع الأثقال والقيادة لساعات طوال».

ويوضح أن تشخيص الإصابة بعرق النسا يعتمد على التاريخ الطبي للمريض، والفحص السريري في العيادة المتخصصة لتقييم القوة والإحساس وردود الفعل للأطراف السفلية، حيث يختبر الطبيب رفع الساق المستقيمة، مع استلقاء المريض على ظهره، ثم رفع كل ساق مع تمديد الركبة، وفي حال الشعور بألم يشع أسفل الساق، فإنه يشير إلى عرق النسا.

ويضيف: «يتم التأكيد من خلال التصوير الذي يشمل: الأشعة السينية والرنين المغناطيسي للعمود الفقري القطني الذي يعد المعيار الذهبي لاكتشاف سبب الإصابة كالانزلاق الغضروفي أو تضيق القناة أو ضعف مفصل الوجه أو الأورام، ونادراً ما تحتاج الحالة إلى الفحص بالأشعة المقطعية للعمود الفقري القطني العجزي».

ويشير د.سامح أبو الفتوح، أخصائي جراحة العظام والعمود الفقري، إلى أن عرق النسا يمكن أن يصيب السيدات والرجال فوق سن 45 وفقاً للدراسات، وهو ألم ينشأ على طول العصب الوركي، ويمتد من مؤخرة الحوض إلى أسفل الفخذ، ويرتبط ببعض عوامل الخطر، مثل: داء السكري، التدخين، والسمنة ونمط الحياة غير النشط، وبشكل عام فإن آلام أسفل الظهر تُعد من أكثر الحالات في البلدان الصناعية، وقد قدر الخبراء أن ما يقرب من 80٪ من الأشخاص سيعانون هذه المشكلة خلال حياتهم، ويبلغ معدل الانتشار السنوي لآلام أسفل الظهر 15-45٪.

ويوضح د.أبو الفتوح، أن العامل الأكثر شيوعاً للإصابة بعرق النسا هو فتق القرص الذي يضغط على العصب الوركي في العمود الفقري، أما الأسباب الأخرى فتتمثل في انضغاط العصب بسبب الورم أو تلفه نتيجة الأمراض وأبرزها داء السكري، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المشكلة تختفي عادة مع مرور الوقت في الحالات الخفيفة، لكن تجب مراجعة الطبيب المختص والحصول على الرعاية الصحية عند تطور الأعراض، حتى لا يعاني المريض من المضاعفات، ومنها: زيادة الألم، الضعف أو فقدان الشعور بالساق، اضطراب وظيفة الأمعاء أو المثانة، تلف الأعصاب الدائم.

ويضيف: «يمكن أن تساعد بعض تعديلات نمط الحياة على حماية ظهرك بما في ذلك التمارين الروتينية والحفاظ على وضعية الجلوس المناسبة والإقلاع عن التدخين والحفاظ على وزن صحي، أما الحالات الناجمة عن فتق القرص فلا يمكن الوقاية منها، لكنها تحتاج إلى التدخل الطبي والعلاج».

الوقاية أسلوب حياة

يشير الخبراء إلى أن تداوي عرق النسا يعتمد على الإجراءات الطبية التي تبدأ من توعية المريض، وخاصة أن هذه المشكلة المرضية يمكن اختلاط أعراضها مع إصابات أخرى، كما تفيد العناية بالصحة العامة في تقليل المخاطر، حيث إن العادات الخاطئة التي يتبعها بعض المصابين، يمكن أن تؤثر في فترة التعافي، وعلى سبيل المثال يجب أن يكون الشخص حيوياً ويواصل أداء الأنشطة اليومية والذهاب إلى العمل والحصول على بعض الراحة لبضع ساعات فقط، على عكس الرائج بضرورة المكوث في الفراش.

وينصح الأخصائيون بضرورة الحفاظ على النشاط والمشي والقيام بتدريبات وتمارين الاستطالة الخفيفة بانتظام لتقوية الظهر، واتباع ممارسات الرفع الآمنة للأشياء الثقيلة في المنزل أو العمل، ومحاولة عدم ثني الظهر، واستخدام قوة الركبتين لدعم الوزن، ويفيد أيضاً وضع الكمادات الساخنة والباردة على المناطق التي ينتشر بها الألم.

ووجدت الدراسات أن بعض المهن للجلوس ساعات طويلة أمام الكمبيوتر لإنجاز العمل، يعرض الشخص لإصابات الرقبة والعمود الفقري وأسفل الظهر، وتكون أحد أسباب آلام العصب الوركي وعرق النسا، ولذلك يجب الجلوس بوضعية صحيحة بحيث يدعم المقعد الظهر، ويمكن وضع وسادة صغيرة في الخلف للحفاظ على مستوى الوركين والركبتين، ومن الأفضل أن تكون القدمان مسطحتين على الأرض والشاشة في مستوى العين حتى لا تحنى الرقبة، وتجنب رفع الساقين واللف في وقت واحد، والحفاظ على استقامة الجسم عند الصعود والهبوط، وخاصة إذا كان وزن الجسم ثقيلاً، إلى جانب الحفاظ على الوزن الصحي وفقدان الكيلوجرامات الزائدة حتى لا تضغط على العضلات والمفاصل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ytvr65a9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"