العلاقات البينيّة بمنظار الفيزياء

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ألم يكن حَريّاً بالقلم أن يتناول المقارنة بالفيزياء أوّلاً، حين طرح ضرورة تناغم العلاقات البينية، مع الطبيعة والكون؟ أليست الفيزياء سابقةً على الكيمياء، ثم جاءت في النهاية البيولوجيا، التي كان ظهور الآدميين قمّة تطورها؟ ألا يَخشى أن يسلقه الماكرون بألسنة حِدادٍ قائلين: ومتى كان العقل العربي من أهل ترتيب الأولويات؟
يقول الناس: فلان طاقة، أو للبلد الفلاني طاقات جبّارة. العبارة أبعد من المقصود وهو الشحنة، الكفاءة، الموهبة، الخبرة... الأذهان لا تنصرف إلى الطاقة فيزيائيّاً، تلك التي تجلت في الانفجار العظيم، وأدّت تالياً إلى نشوء جدول العناصر الكيميائية في النجوم واندماجها في الكواكب نتيجة انفجار المستعرات العظيمة (السوبرنوفا)، وصولاً إلى كوكبنا ونشأة الحياة، التي تسيّدها الإنسان، وأضحى هو نفسه يصنع الذكاء الاصطناعي، الذي لا نعرف منتهاه. الأبعاد البعيدة هي: كيف تصير الطاقة خيالاً ووعياً وإبداعاً واختراعاً، وحواسيب وروبوتات تتحدى قدرات الدماغ البشري؟
المحيّر أن تصير المادّة ذكاء، قادراً على إيجاد ذكاء يتجاوز نفسه. مقاربة العلاقات البينية العربية، تفضي إلى مسارات شتى. بإيجاز: جاء الإسلام وأقام الأمّة الإسلامية، التي ارتخت وشائجها بمفاعيل سياسية. الأمة العربية بدورها، لظروف قاهرة، أمست خريطتها متجاورات، وأحياناً غير متحاورات. في المشهد الأول، ترينا فيزياء العلاقات البينية شتات أغبرة وغازات في الفضاء الكوني، فجأةً تظهر في مركزها جاذبية، فإذا بها تنضغط نحو المحور، فترتفع الحرارة إلى حدّ بلوغ ملايين الدرجات المئوية، تكون الكتلة قد جاوزت حجم الأرض مليون مرة، فيولد نجم، تغدو له منظومة كواكب تدور حول شمسه، كمنظومتنا. انهيار الإمبراطورية الإسلامية، كان بالفعل المعاكس، الذي هو ضرب تلك الجاذبية المركزيّة. وعندما ضُربت الأمة العربية في محور جاذبيتها، كثرت الطعنات، فظهر وهن التفكّك ولا يزال. لا بدّ من إيجاد مركز جاذبية جديد لعودة الانبعاث.
في المشهد الآخر من المقاربة الفيزيائية، يجب اغتنام الفرصة التاريخية التي أتاحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بفضل «جائزة نوابغ العرب». هذا المشروع الطموح، جدير بأن يكون مركز جاذبية عربية لنهضة متكاملة، فهو يشمل: العلوم، المعارف، الاقتصاد، والتكنولوجيا. المنطلق السليم هو أن يولد متحرّراً من البيروقراطيّة والتجاذبات السياسية العربيّة، بأن يحمل القطاع الخاص في البلدان العربية الأمانة المادّيّة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحذريّة: على نوابغ العرب، قبل كل شيء، أن ينشئوا مناعة مكتسبة للإرادة، ففيروسات الإحباط والتثبيط بالمرصاد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yxbsfndh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"