انشغل بنفسك وتعلّم رؤية ما تريد

توجد مقولة يتم ترديدها كثيراً، هي: «حتى تتمكن من فهم الآخرين، عليك فهم نفسك» ودلالتها واضحة، فهي تحث أولاً على الانشغال بالنفس، والعودة إلى العقل والذات، والبحث في عمقها عما تريده، وما تسعى لتحقيقه، ومن هنا يمكن بناء طموحات، ووضع خطط، أما النظر للناس، والانشغال بهم، فهما تحطيم بطيء جداً للنفس، فضلاً أن هذه الممارسة تسبب جهل الانسان بنفسه، وبمحيطه، بل كأنه ينفصل عن محيطه.
عندما نعرف أنفسنا، نستطيع الحكم على الآخرين، بل معرفة إن كان الاقتراب منهم يشكل دفعة إيجابية لنا، أو أنه سيكون ضاراً. فهم النفس، يمنحك قدرة على التحكم بعواطفك ومشاعرك، وبالتالي عدم التصرف إلا وفق العقل. والأهم أن فهمك لنفسك، يمنحك صورة أعمق عن النفس الإنسانية وتطلعاتها، وبالتالي تستطيع السيطرة على نفسك، وأيضاً تملك مهارة التحكم بردات فعلك. والأهم، أنك بت على معرفة ودراية بالطبيعة البشرية، هذه المعرفة تساعدك على التعامل مع الآخرين، وتساهم في تجاوزك الصعوبات التي قد تنشأ بسبب عدم معرفة طريقة التعامل مع الناس.
معرفة الانسان، لنفسه، تكسبه فوائد كثيرة، على سبيل المثال، تستطيع معرفة مواصفات شريك الحياة، اهتماماته، هواياته، ونحوها من الصفات والمتطلبات، وهل تتقاطع معك، وتتقبلها وتناسبك، وهذه المعرفة مفيدة، لأنها تقودك نحو النجاح في مشروعك المهم جداً في حاضرك ومستقبلك، حتى على مستوى الوظيفة والعمل، تمكنك معرفة النفس، من وضع اليد على المجالات التي تبدع فيها، والتي تميل وتنجح فيها، التي تستطيع من خلالها التميز والتفوق، لأنك ستطور مهاراتك وقدراتك فيها من خلال التعلم والتدريب، لأنها جزء من شغف النفس وما تميل له. 
بينما جهل الإنسان بنفسه، يدخله في ما يشبه التخبط، فهو مرة يرى هذا الجانب، ومرة أخرى يميل لذاك الجانب، مرة يريد أن يسلك هذا الطريق، وفي مرة أخرى، يريد أن يسلك طريقاً معاكساً تماماً. عدم معرفة النفس، تكبدنا خسارة فادحة من الوقت، وفي الجهد، وفي ضياع الفرص التي يفترض أن نلتقطها ونستفيد منها. ولكن أكبر خسارة قد تكون، عدم القدرة في الحكم على وقائع الحياة، وعدم الدقة في معرفة المحيطين بنا، لأن جهل النفس، يشبه حالة التخبط، حالة من الضياع والتنقل الدائم والمستمر، دون هدف، أو دون غاية.
لذا لا تنظر الى الناس، وتحكم عليهم، وأنت تجهل نفسك.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com