تقوم القيادة والإدارة على جوانب معرفية، تُكتسب بالتعلم والتدريب والخبرة، ولا ننسى الموهبة والذكاء. والكثير من قادة الأعمال، تجدهم في سعي دائم للتطور، والبحث عن كل معلومة جديدة في مجالات عملهم، خاصة في هذا العصر الذي تتطور فيه مجالات العمل، وتدخل التكنولوجيا في كل مهمة وجزئية. ولا شك أن إحدى أدوات النجاح لأيّ مدير أو قائد، في مجال العمل والوظيفة، مع فرق عمله، هي استخدام الذكاء العاطفي، وهي طريقة اكتسبها الإنسان من خلال الملاحظة والخبرة، لكنها تحوّلت لمنهج في مجال العلوم الإدارية تضم النظريات والآراء العملية، والضوابط والاشتراطات، والتعاريف، وطريقة التطبيق، وحدودها، ومسارها، وأدواتها... إلخ.
ولعل ما أسهم وساعد في انتشار الذكاء العاطفي، في مجال الإدارة والأعمال، تأثيره الإيجابي على الإنتاجية، وعلى جودة العمل، وعلى مساهماته الواضحة في تحويل بيئة العمل لبيئة نقية متصالحة متفاهمة إيجابية. والحقيقة أن الذكاء العاطفي مهارة بالغة الأهمية، بصفة عامة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، ويكتسب أهمية قصوى في مجال الأعمال ومقارّ الوظيفة تحديداً؛ لأنه يعزز التواصل بين المدير وموظفيه، فهو يستهدف فهم مشاعر أعضاء وأفراد فريق العمل، وبالتالي معرفة السلبيات وأسبابها، وهو ما يعني علاجها ومناقشتها، وعندما تُزال السلبيات، وأي مشاعر متعثرة، فإن بيئة العمل تتحوّل للنطاق الصحي الإيجابي.
قد يقول أحدهم: ما الفائدة أو المكسب، لبيئة العمل، عندما يعرف المدير مشاعر موظف ما؟ والحقيقة أن فهم المشاعر يسمح للمدير بأن يقيّم الموظف بشكل موضوعي ودقيق، ومن هنا يعرف قدراته وإمكانياته، ومدى استعداده. لا يمكن أن توكل لموظف يعاني من الكآبة، بسبب ظرف يمر به، أن توكل له، مهام وظيفية تحتاج للإبداع والإنجاز السريع. معرفة مشاعر هذا الموظف تجنّب العمل خسارة الوقت، وخسارة الإبداع، وأيضاً هي تجنب الموظف نفسه تحميله بمهام هو غير مستعد لها.
الذكاء العاطفي يضمّ جملة من المهارات المفيدة جداً، والتي لها تأثير بالغ، لعل من بينها معرفة لغة الجسد، أو التعبيرات التي ترتسم على الوجه، ثم الاستجابة لمثل تلك المؤشرات، وعلاج سببها.
مثل هذه الجوانب تعزز ثقة أعضاء فريق العمل بمديرهم وقائدهم، وتزيد من انتمائهم وإخلاصهم، ومن هنا تزداد الإنتاجية، وينمو قطاع العمل، بل يصبح المدير أو قائد العمل وكأنه قدوة لموظفيه، أو كأنه ملهم لهم على تجاوز العقبات والصعوبات عندما تعترض طريقهم.
