معلم خارج الملاك

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد إبراهيم

منظومة التعليم كالبنيان يشد بعضه بعضاً، فإذا توحدت الجهود وتعاونت العناصر، تميزت المنظومة وتألقت وانتجت أجيالاً تقرأ الحاضر وتستشرف المستقبل، متسلحة بمهارات تحاكي كل المستجدات. ومع التطورات المتسارعة في التعليم أصبح لأولياء الأمور أدوار جديدة تختلف كلياً عما كان في السابق.

أوجد عصر الذكاء الاصطناعي والبيانات المفتوحة تعددية في أنماط التعليم وتنوعاً في مصادر المعرفة، فأصبح الوالدان جزءاً أصيلاً في المنظومة، إذ تمكنهما أدوارهما من المشاركة في صناعة القرار التربوي، وصياغة مسارات التطورات وفق الاحتياجات، ولكن هذا مرهون بمدى إدراك ولي الأمر مسؤولياته وفهمه لمهامه الحقيقية.

وعلى الرغم من موجة التطوير التي لا تهدأ، إلا أن بعض الآباء ما زالوا يعتقدون خطأ أن المشاركة في صناعة القرار التربوي تقتصر على طلب نقل أبنائهم من قاعة دراسية إلى أخرى، أو اختيار مقاعد مناسبة لهم داخل القاعات وفق وجهات نظرهم، أو تحديد المكان المناسب لهم داخل الحافلة المدرسية، وهنا نحن نواجه مشكلة حقيقية، إذ إن المنظومة تغرد في سرب، والوالدان يغردان في سرب آخر.

نرصد يومياً ممارسات سلبية، ومطالب سطحية من أولياء أمور، تبعد كل البعد عن أدوارهم التي ينبغي أن تواكب التطورات والاحتياجات الفعلية للأبناء، فمشاركتهم في صناعة القرار لا تمنحهم حق التدخل في عمل الإدارات وسياسات وضوابط العملية التعليمية، لاسيما أنها تخضع للوائح وقوانين تدير المنظومة كاملة، وعلى الوالدين التحرر من فكرة أن ما يقدمانه من رسوم يمنحهما حق التحكم في القرار المدرسي.

معطيات هذه الإشكالية جعلتنا نتساءل، هل ضعف المشاركة وسطحية المطالب يعدان قصوراً من أولياء الأمور أم تقاعساً من إدارات المدارس في تثقيفهم وتأهيلهم وتوظيف قدراتهم، ومدى دراية الوالدين بالمستجدات التي تطرأ على العملية التعليمية من آن لآخر؟

التعليم الجديد جعل ولي الأمر شريكاً حقيقياً في اتخاذ قرارات التعليم، ومنحه صلاحية المساهمة في تطوير خطط الدروس والبرامج الدراسية، ويتم التعامل معه كأنه «معلم خارج الملاك»، وبات جزءًا من اللجان المدرسية والمجتمعية لتحسين البيئة التعليمية، ويعد مرشداً تقنياً وداعماً نفسياً واجتماعياً، ومتابعاً جيداً للتقدم الأكاديمي، ولديه القدرة على المشاركة في تطوير المناهج.

في الواقع هناك شريحة كبيرة من أولياء الأمور بحاجة للتثقيف والتأهيل، لمعرفة أدوارهم الجديدة، والانخراط في أداء مهامهم باحترافية، وعلى المدارس تطبيق مبدأ المرونة، والاجتماع مع الآباء على طاولة نقاش واحدة لرسم مستقبل جديد من التعاون والشراكات، يتسم بالتكاملية والتناغم والفاعلية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdfem4ed

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"