حالة الاقتصاد الأمريكي

21:38 مساء
قراءة 4 دقائق

يونغجون زانغ *

في أوائل شهر يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت وزيرة خزانة الولايات المتحدة جانيت يلين، أن الاقتصاد الأمريكي حقق هبوطاً خفيفاً طال انتظاره، وهو حدث غير عادي تاريخياً. وكانت حجتها الرئيسية تتلخص في أن معدل التضخم في الولايات المتحدة انخفض إلى نحو 3% دون الإضرار بشكل كبير بسوق العمل، الذي كان أقوى من المتوقع.

وتوقع الرئيس السابق دونالد ترامب في مقابلة أجريت معه مؤخراً أن الاقتصاد الأمريكي سوف ينهار. ولتقييم الوضع الفعلي للاقتصاد الأمريكي، من الضروري تحليله بناءً على المؤشرات الاقتصادية الصحيحة.

فعلى الرغم من تراجع التضخم، إلا أن مؤشر أسعار المستهلكين ما زال يرتفع بأكثر من 3%، ونفقات الاستهلاك الشخصي بأكثر من 2%، وهو مستوى بعيد عن هدف التضخم الذي حدده بنك الاحتياطي الفيدرالي.

ووفقاً للبيانات الأخيرة الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3.4 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أعلى من الشهرين السابقين. والأهم من ذلك، أن معدل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي على أساس سنوي بلغ 4% ومعدل التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي أكثر من 3%، وكلاهما أعلى من الزيادة الإجمالية في الأسعار، مما يعكس مدى تعقيد وصعوبة ترويض التضخم الحالي في الولايات المتحدة.

ولكي يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من تحقيق هدف التضخم البالغ 2%، فإنه سيحتاج إلى الاستمرار في السياسة النقدية المتشددة، على الأقل في المدى القصير.

وفي الوقت نفسه، هناك نزاع مستمر بين الطرفين حول الميزانيات المالية بسبب عبء الديون الهائل الذي تتحمله الولايات المتحدة، وهذا له أيضاً تأثير في الاقتصاد.

وقد لا يكون سوق العمل في الولايات المتحدة إيجابياً كما أشارت زيادة التوظيف في القطاعات غير الزراعية. ففي ديسمبر، انخفض إجمالي عدد العاملين المعدل موسمياً الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق بمقدار 683000 مقارنة بالشهر السابق، وهو ما انحرف بشكل كبير عن الاتجاه في العمالة الجديدة غير الزراعية.

ووفقاً لمكتب الإحصاء الأمريكي، نما عدد سكان الولايات المتحدة بأكثر من 1.75 مليون ليصل إلى 336 مليوناً في عام 2023، وهو ما يعني زيادة بنحو 443 ألفاً في الربع الرابع. ومع ذلك، تظهر بيانات مكتب إحصاءات العمل أن القوى العاملة انخفضت بمقدار 676,000 في ديسمبر عن الشهر السابق وبنسبة 446,000 مقارنة بشهر سبتمبر.

وإذا كان إجمالي السكان ينمو فإن القوة العاملة ومجموع السكان العاملين الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق آخذون في الانخفاض، فإن ذلك يشير إلى انخفاض في المشاركة في القوى العاملة وعدم الرغبة في العمل.

ويمكن تتبع التغيرات الفصلية في عدد العمالة في الولايات المتحدة ونمو الناتج المحلي الإجمالي لدراسة العلاقة بين الاثنين. ويُظهر كل من التغير في إجمالي عدد العاملين الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق وعدد الوظائف الجديدة غير الزراعية ارتباطاً معيناً، وإن لم يكن قوياً، بنمو الناتج المحلي الإجمالي، لكن الأول أقوى.

فعلى سبيل المثال، شهدت الولايات المتحدة ربعين متتاليين من نمو الناتج المحلي الإجمالي السلبي في النصف الأول من عام 2022. وفي الفترة نفسها، كانت أرقام العمالة الجديدة غير الزراعية إيجابية للغاية، حيث تجاوزت 370 ألفاً كل شهر و678 ألفاً في شهر الذروة. وفي المقابل، انخفض إجمالي عدد العاملين الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق في الربع الثاني بمقدار 271000، وهو ما كان أكثر اتساقاً مع الانكماش الاقتصادي. وقد حدثت حالات مماثلة عدة مرات من قبل.

لذلك، على الرغم من الأداء المقبول للعمالة الجديدة غير الزراعية، لا ينبغي إهمال الانخفاض في إجمالي عدد العاملين الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق في الربع الرابع من عام 2023.

وكان لعطلة عيد الميلاد في نهاية ديسمبر تأثير كبير في القوى العاملة وأرقام التوظيف. وقد يترك بعض الأشخاص وظائفهم خلال الموسم ويبحثون عن وظيفة جديدة بعد العطلة، وهو ما يفسر جزئياً الانخفاض في أرقام التوظيف لشهر ديسمبر.

ومع ذلك، يجب أن ندرك أن البيانات المعدلة موسمياً قد قضت إلى حد كبير في تأثير مثل هذه العوامل الموسمية، وسجل كل من أكتوبر وديسمبر انخفاضاً في تشغيل العمالة، مما أدى إلى الانخفاض الفصلي الثاني للولايات المتحدة بعد الوباء. ولذلك، فإن ما إذا كان التوظيف سوف ينتعش في يناير سيكون حاسماً لتقييم صحة سوق العمل.

وقد انكمشت التجارة الأمريكية في النصف الثاني من عام 2023. ووفقاً للبيانات الأخيرة الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي، انخفضت الواردات في الفترة من يناير إلى نوفمبر في عام 2023 بنسبة 3.6 في المئة على أساس سنوي، مع انخفاض واردات السلع بنسبة 5 في المئة أو 2.1 في المئة بعد تعديل تغيرات الأسعار.

وفي عام 2023، توقع مجلس المؤتمر مراراً وتكراراً حدوث انكماش اقتصادي في الولايات المتحدة. وبعد الانخفاض المستمر على مدى فترة طويلة من الزمن، انخفض المؤشر الاقتصادي الرائد (LEI) الخاص بالمنظمة إلى ما بعد عتبة التحذير من الركود التي تحددها التجربة التاريخية.

* نائب كبير الاقتصاديين في المركز الصيني للتبادلات الاقتصادية الدولية.- (تشاينا ديلي).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3979sz6c

عن الكاتب

نائب كبير الاقتصاديين في المركز الصيني للتبادلات الاقتصادية الدولية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"