عادي

باقة ضوء

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين

بكم تبيعينني ظلامتك؟

بعد أن رجع عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، من الشام إلى المدينة عاد إلى الطواف للتعرف إلى أحوال رعيته عن قرب، وذات يوم مر بعجوز في خبائها فقصدها فقالت: يا هذا ما فعل عمر؟ قال: أقبل من الشام سالماً، فقالت: لا جزاه الله خيراً، قال لها: ولم؟ قالت: لأنه والله ما نالني شيء من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين، فقال عمر: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع النائي؟ قالت: سبحان الله، والله ما ظننت أحداً يلي أمر المؤمنين ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها، فبكى عمر وقال في نفسه: واعمراه، كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر، وقال لها: يا أمة الله بكم تبيعينني ظلامتك من عمر فإني أريد أن أرحمه من النار؟ فقالت: لا تهزأ بي يرحمك الله، فقال: لست بهزّاء، وظل يلح عليها حتى اشترى منها ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً، وبينما هما كذلك أقبل علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت: واسوأتاه، لقد شتمت أمير المؤمنين في وجهه، فقال لها عمر: لا بأس عليك يرحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد فقطع قطعة من مرقعته وكتب عليها «باسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما اشترى به عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا بخمسة وعشرين ديناراً، فما تدعي عندما تقوم في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما». ثم دفع الكتاب إلى ولده وقال له: «إذا أنا مت فاجعله في كفني ألقى به ربي».

يا ليتني كنت صاحب الحفرة

قال عبد الله بن مسعود: قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك، فرأيت شعلة من نار في ناحية المعسكر فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رسول الله وأبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، وإذا عبد الله ذو البجادين قد مات، فحفروا له ورسول الله في حفرته، وأبو بكر وعمر يدليانه والرسول يقول: أدليا إليّ أخاكما، فدلياه إليه، فلما هيأه للحده قال: اللهم أمسيت عنه راضياً فارض عنه. عندها قال ابن مسعود: يا ليتني كنت صاحب الحفرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mthc93s2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"