عادي

الجيم»..« معجم الأشعار المجهولة

23:48 مساء
قراءة 3 دقائق
الشارقة: جاكاتي الشيخ
أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، نحوي وعالم في اللغة العربية أعجمي الأصل، وبعد مجاورته لقبيلة شيبان وتأديبه لبعض أولادها انتسب إليها وسُمِّي باسمها، عاش ما بين (110 - 206هـ / 728 - 821م)، حيث ولد بالكوفة واستقر بها، فكان كوفي المذهب في ما يتعلق بالنحو، ومن أوائل نحاة الكوفة الذين ذهبوا إلى البوادي لأخذ اللغة مشافهة عن الأعراب وتعلم النطق السليم، كما أخذ العلم عن كثير من العلماء، أشهرهم: المفضل الضبي، وأبو عمرو بن العلاء، لينتقل لاحقاً إلى بغداد ويظل فيها حتى مماته، وهو من المعمّرين، ويطرح بعضهم احتمال أن يكون سابقاً للخليل في وضع معجمه.
عُدَّ الشيباني من الثقات في رواية الحديث، وكان له اهتمام كبير بالشعر، حيث جمع أشعار أكثر من ثمانين قبيلة عربية ودونها، وتتلمذ على يده علماء مشهورون، مثل أحمد بن حنبل، الذي كان يلزم مجالسه ويكتب أماليه، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن يحيى المشهور بثعلب، وخلّف العديد من المؤلفات أهمها: معجم الجيم، وكتب: «اللغات» و«النوادر الكبير» و«غريب الحديث» و«خلق الإنسان» و«الإبل» و«النحلة» و«الخيل».
نظام
معجم «الجيم» للشيباني هو المعجم الثاني من معاجم الألفاظ بعد كتاب العين، وهو مقسّم إلى أبواب، مرتبة على نظام حروف الهجاء الألفبائي الذي وضعه نصر بن عاصم الليثي: (أ، ب، ت... ي). وكان هَدَفُ الشيْباني مِن هذا الكِتاب أن يجمع أشعار القبائل بما في ذلك مِن غَريب اللُّغة والحديث، فهو يختلف عن المَعاجِمِ الَّتي تَقصِدُ الإحاطةَ والشُّمول.
كان المستشرق فريتس كرِنْكُو أول من نوّه بهذا المعجم وأشار إلى أهميته، ولكنه أخفق في تحقيقه، ومثله من جاء بعده من المستشرقين. وفي عام 1968، صدرت أول دراسة علمية مفصّلة حوله، برسالة أعدها فرنر ديم لنيل الدكتوراه من جامعة «لودفيك مكسيميليان» في ميونخ، وترجمت إلى العربية ونشرت عام 1980، وأثبت ديم أن كثيراً من مادة «الجيم» لم يرد في المعاجم الأخرى، وأن علماء اللغة المتأخرين لم يأخذوا منه إلا قليلاً، كما ذكر أن في «الجيم»، عدداً ضخماً من الشواهد الشعرية التي يصعب العثور عليها في مراجع أخرى، وذلك ما يعطي المعجم أهمية كبيرة.
توجد من المعجم نسخة مصورة في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، و قام بطبعه في ثلاثة أجزاء، حقق الأول منها إبراهيم الإبياري «1974»، والثاني عبد العليم الطحاوي «1974»، والثالث عبد الكريم العزباوي «1975»، وألحق بالمعجم جزء رابع يشتمل على الفهارس «1983».
ويقال إن مؤلف الجيم كان ضنيناً به، فلم يُنسخ في حياته، وحين أراد مجمع اللغة العربية تحقيقه لم يعثر إلا على نسخة واحدة منه.
ميزات
ويبدو أن عدم تداول الكتاب جعل العلماء يظنون أن سبب التسميــــــة هـــو أنه انــــتهى بحــــرف الجــــيم (ما يجعله غير شــامل للـــمفردات العربية) كما ذكر كرنكو، أو أنـــه بدأ بها كما ذكر كثيرون (ما يجعله غير شامل أيضاً)، ولكن أبا الطيب اللغوي يقول: «وقفت على نسخة منه فلم أجــــده مــــبدوءاً من الجيم»، وكلام أبي الطيب حق، فالمعجم لا يبدأ من الجيم وإنما يسير على الترتيب الهجائي العادي بحسب أوائل الكلمات بعد تجريدها من الزوائد، ولكنه لم يُدخِل في الترتيب ثواني الكلمات وثوالثها، ولهذا نجد كلمات حرف الألف تتتابع هكذا: (أوق - ألب - أفق - أزح - أنف - أرب - أخذ... إلخ).
وربما كانت أهم ميزة لهذا المعجم أن ألفاظه خلاصة استصفاء لشعر شعراء الكثير من القبائل التي يكاد جل شعرها يكون مجهولاً، ويصعب تتبعه في المراجع الأخرى، كما أن هذه الكلمات تحمل شروحاً لا تنطوي عليها معاجمنا، وتكاد تكون غريبة عليها.
ولهذا يرى بعضهم أن كتاب الجيم يمكن تسميته معجماً على سبيل التجوز، لأنه يهتم بالألفاظ الغريبة التي لا يكاد يعرفها غيره.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2e5cu976

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"