صفات تزين الجمال
كان فتى من طيء من جلساء الأحنف بن قيس، وذات يوم قال له الأحنف: يا فتى هل تزين جمالك بشيء؟ قال: نعم، إذا حَدثت صدقت، وإذا حُدثت استمتعت، وإذا عاهدت وفيت، وإذا وعدت أنجزت، وإذا اؤتمنت لم أخن، فقال الأحنف: هذه هي المروءة حقاً.
أفضل الأصحاب
كان محمد بن حميد الطوسي أحد قواد جيش الخليفة المأمون يتناول غداءه ومعه جلساؤه، وفجأة سمعوا صياحاً على باب داره، فقال لأحد غلمانه: ما هذا الصياح؟ من كان على الباب فليدخل، فخرج الغلام ثم عاد إليه وقال: إن فلاناً قبض عليه وقد أوثق بالحديد، والغلمان ينتظرون ما تأمر فيه، فقال أحد جلسائه: الحمد لله الذي أمكنك من عدوك، فسبيله أن تسقي الأرض من دمه، وأشار بقية الجلساء على الطوسي بالرأي ذاته وهو ساكت، ثم قال: يا غلام فك عنه وثاقه، ويدخل علينا مكرماً، فأدخل عليه رجل بدا عليه الذهول من شدة الخوف، فلما رآه الطوسي رحب به، ورفع مجلسه، وأمر بتجديد الطعام، وطمأنه بالكلام حتى انتهى من الطعام، ثم أمر له بكسوة حسنة وصلة، وأمر برده إلى أهله مكرماً من دون أن يعاتبه على أي جرم، ثم التفت إلى جلسائه وقال لهم: إن أفضل الأصحاب من حض الصاحب على المكارم، ونهاه عن ارتكاب المآثم، وحسَّن لصاحبه أن يجازي الإحسان بضِعفه، والإساءة بصفحه، إنا إذا جازينا من أساء إلينا بمثل ما أساء فأين موضع الشكر على النعمة فيما أتيح من الظفر؟ إنه ينبغي لمن حضر مجالس الملوك أن يمسك إلا عن قول سديد وأمر رشيد، فإن ذلك أدوم للنعمة وأجمع للألفة، إن الله تعالى يقول: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم، ويغفر لكم ذنوبكم».
لا يُرى إلا وعليه دَيْن
كان عبد الله بن جعفر مشهوراً بجود قل نظيره، وكان معاوية، رضي الله عنه، يعطيه ألف ألف درهم في كل سنة فيوزعها على الناس، ولا يُرى إلا وعليه دَيْن.
ولما مات معاوية قصد ابنه يزيد، فقال له الأخير: كم كان أمير المؤمنين معاوية يعطيك؟ قال: كان رحمه الله يعطيني ألف ألف درهم، فقال يزيد: قد زدناك لترحمك عليه ألف ألف، فقال: بأبي وأمي أنت، فقال يزيد: ولهذه ألف ألف، فقيل ليزيد: أعطيت هذا المال كله من مال المسلمين لرجل واحد؟ فقال: والله ما أعطيته إلا لجميع أهل المدينة، ثم كلف يزيد رجلاً يثق به بأن يصحب عبد الله إلى المدينة من دون أن يعلم ليرى ما سيفعل، ولما وصل المدينة فرق جميع المال على الناس حتى احتاج بعد شهر إلى الدَّيْن.
