أزمة الديمقراطية في الكويت

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
2

بعد حل مجلس الأمة الكويتي في فبراير/ شباط الماضي، بسبب تجاوز الثوابت الدستورية، عاود أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يوم الجمعة الماضي حل المجلس الجديد الذي انتخب مطلع شهر إبريل/ نيسان الماضي، ووقف العمل بعدد من المواد الدستورية لمدة لا تزيد على أربع سنوات ل «دراسة الممارسة الديمقراطية في البلاد»، كما سيتولى الأمير ومجلس الوزراء اختصاصات مجلس الأمة خلال تلك الفترة.

ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها حل مجلس الأمة الكويتي، فقد سبق أن تم حله عام 1976 وعام 1986، ثم في فترات تالية بعد الغزو العراقي عام 1991 لأسباب مختلفة، نتيجة الندوب التي لحقت بالتجربة الديمقراطية الكويتية، وهي التجربة التي بدأت مع إعلان استقلال البلاد عام 1962 حيث تم وضع دستور يؤسس لحياة نيابية دستورية متطورة، كما تم تدشين التحول الديمقراطي بوضع دستور دائم للبلاد، ومن ثم إجراء انتخابات نيابية.

كانت التجربة الديمقراطية الكويتية متقدمة من حيث تحقيق التوازن بين النظامين الرئاسي والبرلماني، وقد تأثرت عملية صياغة الدستور آنذاك بالحراك الثقافي والسياسي الذي كان يشهده المجتمع الكويتي، وكتعبير عن وعي شعبي بأهمية المشاركة في الحياة السياسية، وكان الأمير الشيخ عبد الله السالم الصباح من المشجعين على وضع الدستور الجديد.

مرت الحياة السياسية في الكويت بعدة أزمات، بسبب سوء الممارسة الديمقراطية من جانب بعض القوى السياسية التي تجاوزت الأسس الديمقراطية والدستورية في علاقاتها مع الأمير ومع السلطة التنفيذية ما كان يؤدي إلى تصادم، ثم إلى أزمة تنتهي بحل مجلس الأمة. وقد برز ذلك مع صعود التيارات الدينية وتحديداً جماعة الإخوان بعد الغزو العراقي، وكذلك تنامي دور القبلية والجهوية على حساب المصلحة العامة ما كان يؤدي إلى التعدي على صلاحيات الأمير، وإلى شلّ العمل الحكومي، وأخيراً التعدي على صلاحيات الأمير في اختيار الوزراء، وهو من صميم عمله، وللنواب أن يحاسبوا الوزراء بعد تولي مهامهم وليس التدخل في عملية الاختيار.

هناك مشكلة في العملية الديمقراطية تحتاج إلى مراجعة وتصويب الخلل فيها بما يمكّن من تجاوز سلبيات التطبيق في المرحلة الماضية، وبما يتناسب مع المجتمع الكويتي والممارسة الديمقراطية وحق الاختيار، وإعادة تنظيم أداء السلطة التنفيذية بما يحول دون التصادم مع السلطة التشريعية.

لعل السنوات الأربع المقبلة التي حددها أمير الكويت لتوليه مع مجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة، تكون كافية للقيام بمراجعة وافية للممارسة الديمقراطية في الكويت، واتخاذ ما يلزم من خطوات تعيد رسم الوجه الديمقراطي الحقيقي الذي يقود البلاد إلى استئناف مسيرة العمل والتنمية ويخرجها من حالة الشلل.

إنها مجرد مرحلة انتقالية تقتضي تعاون جميع الكويتيين لإخراج البلاد من سوء الممارسة الديمقراطية، فالوطن يجب أن يكون أولاً وثانياً وثالثاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4m7knzvu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"