التغيّر المناخي يتصاعد

00:28 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

هناك سباق بين الإنسان والطبيعة حول التغيّر المناخي الذي يضرب الكرة الأرضية ويهدد البشرية بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، وما ينتج عنه من كوارث بيئية جراء العواصف والفيضانات والسيول والحرائق التي تجتاح مختلف مناطق العالم وتودي بحياة آلاف البشر، وتخلّف دمارأ مهولاً في الممتلكات وخسائر بعشرات مليارات الدولارات.

إن ما تشهده القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية وآسيا من فيضانات مدمرة وغير مسبوقة، خصوصاً في ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وهولندا والهند والصين وأفغانستان واليابان وبنغلاديش ونيبال وبعض الدول الإفريقية، ومؤخراً في منطقة الخليج، وأدت إلى وفاة المئات وتشريد الملايين، يدل على أن ما اتخذه العالم من إجراءات للحد من تطرف المناخ ليس كافياً، وأن هناك تسارعاً في ارتفاع درجات الحرارة بما يؤدي إلى مزيد من الكوارث الطبيعية.

كان تغير المناخ في السابق نتيجة طبيعية للتحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، وهي تحولات طبيعية بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، ولكن منذ القرن التاسع عشر كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساساً إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز وما ينتج عنه من انبعاث غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

أكد العلماء أن البشر مسؤولون بشكل أساسي عن الاحترار العالمي على مدى ال 200 عام الماضية جراء غازات الدفيئة مثل الكربون والميثان التي تعمل على تسريع ارتفاع درجات الحرارة بشكل أسرع مما قبل، إذ أصبح متوسط درجة حرارة الأرض الآن نحو 1.1 درجة مئوية أكثر دفئاً مما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر، وكان كل عقد من العقود الأربعة الماضية أكثر دفئاً من أي عقد سابق منذ العام 1850.

تشمل عواقب تغيّر المناخ، الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق، وارتفاع مستوى البحر والفيضانات والأعاصير والسيول، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي، كما هو حاصل الآن.

وكشف تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخراً أن تخفيض الانبعاثات المحددة في «اتفاق باريس» للمناخ لن يكون كافياً لمنع ارتفاع درجات الحرارة، بما يمكن أن يؤدي إلى «تغيّر مناخي كارثي»، كما أن درجات الحرارة ستواصل الارتفاع حتى لو استوفى العالم المعايير المدرجة في اتفاق باريس. وأفاد التقرير بأن درجات الحرارة ستواصل الارتفاع بمقدار يتراوح بين 3 و5 درجات مئوية بحلول عام 2050.

الكوارث البيئية التي حصلت في العالم خلال عام 2018 وحده أدت إلى خسائر بلغت نحو 100 مليار دولار، إضافة إلى خسائر بشرية لا تعوض، وفقاً لمنظمة «كريستيان إيد» البريطانية، هذا من دون احتساب الخسائر في الأعوام التالية. ووفقاً لدراسة أجراها ثلاثة علماء ألمان فإن خسائر الاقتصاد العالمي سنوياً سوف تبلغ في غضون 25 عاماً نتيجة الأضرار البيئية نحو 38 تريليون دولار.

التغيرات المناخية تسابق الجهود الدولية للحد من الاحتباس الحراري، والمواجهة يجب أن تتجاوز ما اتخذ من إجراءات حتى الآن، لأن مصير الكرة الأرضية والبشر بات على المحك، ما يستلزم التقليل من الاحترار العالمي على وجه السرعة وذلك بتخفيض استخدام الوقود الأحفوري والتركيز على استخدام الطاقة النظيفة لتقليل المخاطر قدر الإمكان، قبل فوات الأوان.. لأن العالم يواجه تهديداً وجودياً لا يحتمل التأخير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycs3pzx8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"