بورتريه تشارلز الثالث

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

في صيف عام 2021 استضاف متحف متروبوليتان في نيويورك معرضاً فنياً تحت عنوان «بورتريهات وسياسة»، ضمّ أعمالاً فنية لعدد من أشهر الفنانين الذين تألقوا خلال فترة حكم أسرة ميديتشي في فلورنسا، وضمّ أكثر من 90 عملاً فنياً منفذة بوسائط مختلفة، من لوحات وتماثيل ورسوم وميداليات وغيرها. اللوحات النادرة المعروضة استعيرت من متاحف شهيرة في عدة دول: الولايات المتحدة، كندا، أستراليا، إيطاليا، فرنسا وبريطانيا، ومن أبرز راسميها رافائيل وجاكوبو وبونتورمو وروسو وفيورنتينو وغيرهم من رموز تلك الفترة المهمة في تاريخ عصر النهضة المعروفة بنهضتها الفنية.

نعود إلى هذا المعرض لنقول إن رسم بورتريهات لكبار الشخصيات، خاصة أهل السياسة والسلطة منهم، ليس أمراً جديداً، وإنما يمتد بعيداً، ربما منذ أن نشأ فن رسم البورتريه، وفي تاريخ الفن الحديث ثمّة نماذج بارزة لهذا التداخل بين الفن والسياسة، ونالت بعض تلك البورتريهات شهرة فنية واسعة، وبيعت أحياناً في المزادات.

ثمّة معلومة لا نعلم إلى أي مدى هي على صلة بحديثنا هذا، كونها لا تتصل ببورتريه لزعيم معاصر، وإنما كون هذا الزعيم نفسه هو من أقام معرضاً فنيّاً قبل عشرة أعوام، أي في العام 2014، ليعرض فيه لوحات بورتريه رسمها هو بنفسه لزعماء من مختلف بلدان العالم، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الرسام هنا لم يكن سوى الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، الذي ما إن يرد اسمه حتى تحضر لحظة الاحتلال الأمريكي المشؤوم للعراق. وبعد ثلاثة أعوام على إقامة المعرض، أصدر بوش ألبوماً بلوحات بورتريه أيضاً، وقالت وسائل الإعلام حينها إنه حطّم الأرقام القياسية من حيث المبيعات في الولايات المتحدة. وضمّ الألبوم 66 بورتريهاً للمحاربين القدامى الأمريكيين ممن كان بوش يتواصل معهم فترة رئاسته بين عامَي 2001 و2009.

في العام 2022، طرح مزاد فيليبس مزاداً تضمن أعمال مجموعة من الفنانين، من أبرزها بورتريه الملكة إليزابيث الثانية عندما كان عمرها 51 عاماً، من رسم الأمريكي أندى وارهول، ويقال إن أول بورتريه لابنها الملك الحالي تشارلز الثالث كان للفنان أليستر بارفورد، وعلى سيرة تشارلز، فإن بورتريهاً جديداً له بخلفية حمراء أثار مناقشات على شبكات التواصل الاجتماعي بسبب رمزيته، وتظهر اللوحة الملك واقفاً بزي الحرس الويلزي، ويداه مستندتان إلى مقبض سيفه، وعلى وجهه نصف ابتسامة، وفراشة تحوم فوق كتفه اليمنى، وما أثار الاهتمام أكثر هو اللون الأحمر الفاقع، ورأى رواد الإنترنت في ذلك رمزاً للنار، والجحيم، وحتى الدم. راسم اللوحة جوناثان يو، قال إن الملك نفسه كان متفاجئاً قليلاً من لون اللوحة.

يرحل الساسة وتبقى بورترياتهم ذكرى أزمنة مضت وتمضي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"