الصين تصطاد المادة السوداء

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا تقول للأدمغة العلمية الواعدة؟ لا أحد يزايد عليهم في الوعي. لكن، لا مانع من السؤال عن عثرات الشعوب. المقال الذي نشره موقع «بوبولار ميكانيكس»، الميكانيكات الشعبية (20 مايو) تحت عنوان: «العلماء على وشك اختراق أسرار المادة السوداء، ربما مصدر الطاقة الأقوى في الكون». العنوان مقال. اسم الموقع ممتنع الترجمة إلى العربية القديمة. كانوا يسمّون الميكانيكا «علم الحيل»، فيكون اسم الموقع «علم الحيل الشعبية». حينئذ تراقب التحريات الجنائية ما ينشر لحظة بلحظة.

في العالم العربي يختلف المشهد، فلا نعرف على من تقع المسؤولية؟ طلاب العلوم لا ذنب لهم وهم في حاجة إلى من يأخذ بيدهم، فحتى مناهجهم «تمشي على ثلاثةٍ.. كمشية العرنجلِ». من أين نأتي بعالم رياضيات مثل الفرنسي سيدريك فيللاني، الذي قال: «إن مناهج العلوم الفرنسية تحتاج إلى نسف جذري». لكن لدينا من الجذر الثلاثي، ذلك الطبق العربي الشهي الشهير. أمّا العلماء العرب الذين عبروا القرن العشرين وعقدين ونيفاً من الحالي، فهم غير ملومين. إذا نبغ أحد منهم اختطفته المؤسسات العلمية في الدول التي تُبلي معاولُها أحسن البلاء في نشر البلاء. ماذا يفعل العلماء في البلدان العربية التي لا تستثمر في العلوم، هم كما قال الشاعر: «جئنا به يشفع في حاجةٍ.. فصار محتاجاً إلى شافعِ». أربعمئة مليون نسمة ليس لهم ولا حتى ثلاث مجلات علمية محترمة.

يقرأ العربي المقال، وفي سمعه عزف شجيّ على ناي عميق في مقام صبا. الصين كانت أوضاعها قبل 1949 أسوأ من الديار العربية. اليوم أكبر خلية فيزيائية للبحوث التطبيقية في مجال المادة السوداء، توجد في الصين، حيث قيل: «اطلبوا العلم». المناظر شاعرية، يجري من تحتها نهر «يالونغ» في جبال جينبينغ في سيشوان. عشرات الفيزيائيين من أفذاذ العالم، يقطعون نفقاً في الأرض طوله 16كم، ليصلوا على عمق 5.2 كم إلى مختبر جينبينغ تحت الأرض. إنهم جيل التصوف الفيزيائي. في ذلك «الخانقاه» العلمي، يتفكرون في ملكوت السماوات والأرض، وهم يعلمون أن الكون لم يخلق باطلاً، لهذا يحتاج في البحث عن إدراك كنه آياته، إلى ألمع العباقرة. المادة السوداء تحتل 85% من الكون، وعلى العقل الذي أوتي علماً قليلاً أن يظل على مرّ السنين ينفق المليارات لاهثاً وراء الأسرار.

لزوم ما يلزم: النتيجة الأسفية: هل العقل العربي ينتظر أن تأتيه الصين بالمادة السوداء، بسهولة علبة حساء الشعرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3e4c6n

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"