ارتدادات الإعداد الروبوتي للأجيال

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل توافق على أن أمّ المشكلات والإشكاليات في المناهج العربية، بشتى حقولها، تتلخص في إهمال الغاية الإبداعية في إعداد الأجيال؟ الأمور تلوح بديهية. ميادين الحياة العامة في العالم العربي ترينا أن أنظمة التربية والتعليم لا يشغل فكرها غير تفريخ المهنيين، ما يصوّره بعض الماكرين بمعامل الأغذية المعلّبة والمشروبات الغازية: صفوف لألوف العلب والقوارير، تُملأ وتسدّ وتُساق، وإلى المجتمع الاستهلاكي المساق.

طرح هذا الطرح على هذا النحو يؤدي إلى صرف الذهن إلى أن المناهج تصب كل جهودها في مرمى واحد ومرام وحيد: إعداد طلاّب تضع على كل واحد في نهاية الدراسة، ملصق شغل معيّن، تلك الكلمة المألوفة في الجوازات والكثير من البطاقات: المهنة. لكن، محال تصوّر المأزق الذي نوقع فيه خبراء التربية واضعي المناهج، إذا نحن طالبناهم بأن تكون غاية المناهج الابتكار والإبداع والاكتشاف والاختراع، قائلين: كفى هذه الأمّة «امتهاناً» للمهنة، لا نريد مهنيّين لم يتلقوا إعداداً للتجديد والتطوير. قليل على أجيالنا أن تفضي سنين دراستهم إلى وظيفة، يغدو الموظف بها كالروبوت يؤدي حركات تذكّرنا بمشهد العامل ذي الحركات الآلية في فيلم لشارلي شابلن.

ها نحن أمام أمّ القضايا: الحاجة إلى عصر نهضة عربي. لا حلّ آخر إذا أردنا التمسك بعبارة العالم العربي، وعدم التخلي عن أنشودة «بلاد العُرْب أوطاني». المنطلق العلمي الذي يمكن أن يصدر عن عقل سليم هو: نهضة تنمية شاملة. أَوَليسَ منتدى الإعلام العربي تعبيراً عن هذا المطمح المشروع؟ وإلاّ فهل تبقى قمة الإعلام العربي بلا أصداء عملية؟ من هنا نبدأ: أليس على معاهد الصحافة وكليات الإعلام أن تعيد النظر في أسس المقرر في سنوات الدراسة؟ هل يجوز أن يكون الهدف الاقتصار على تخريج إعلاميين في شتى التخصصات الفرعية، يحسنون أداء أساسيات المهنة، ويظلّ الإبداع لمن استطاع إليه سبيلاً. يبقى الإبداع للسباع من خواجات الغرب، وغداً خواجات الشرق الأقصى.

من الضرورات القصوى التنبّه لنقطة بالغة الخطورة، أن نفاجأ في العالم العربي في كل يوم بسيول جديدة من التحولات التكنولوجية العملاقة، بينما حريات الفكر والرأي والتعبير تدبّ دبيب النمل، وتغيّرات العصر تتهدّد الشعوب، وهم لا يشعرون.

لزوم ما يلزم: النتيجة القياسيّة: كل المناهج مطالَبة بعدم الإعداد الروبوتي للأجيال: ليكون للأمة مبدعون في العلوم والآداب والفنون، بلا استثناء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2xypdyat

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"