عادي
صدر في الشارقة

السيارة في الإمارات.. تاريخ مكتوب بمداد الشعر

15:27 مساء
قراءة 5 دقائق
فهد المعمري

الشارقة: عثمان حسن

في كتاب مميز على صعيد التناول الأدبي يرصد الباحث والكاتب الإماراتي فهد المعمري في كتابه «السيارة في دولة الإمارات العربية المتحدة.. تاريخ وأشعار» أبرز ما تناوله الشعر النبطي الإماراتي في السيارة بوصفها أداة نقل عصرية، سلطت الأشعار الضوء على تفاصيل كثيرة لها صلة بها من بينها الطرقات التي كانت تسلكها في الطرق المؤدية إلى سلطنة عمان، وغيرها من الطرق الواصلة بين مدن ومناطق الدولة.

في هذا الكتاب الذي صدر عن معهد الشارقة للتراث وجاء في 232 صفحة من القطع الكبير، يتتبع المعمري الكثير من الأشعار والروايات في هذا الإطار، وقد اختار ما رآه مناسباً لجمعها في كتابه، موضحاً أن اسم السيارة قد وردت في هذه الأشعار بمسميات مختلفة وكثيرة، كما وصفت بعض الأشعار السيارة بالقوة والمتانة، وتغنّى بعضها بمهارات السائقين، وبعضها الآخر تفاخر بالسيارات الفارهة إلى غير ذلك من الصفات والخصائص.

جاء الكتاب في مقدمة ومدخل تمهيدي و10 فصول وملحق صور، وهي: (وصف السيارة بالقوة والمتانة، وصف مهارة السائق، ذكر بلد الصنع واسم الوكيل وسنة الصنع ولون السيارة، فترة التمرين ووصف الأحداث الخاصة بالسيارة، المفاضلة بين آلة النقل القديمة «الجمل» والحديثة «السيارة»، التفاخر بشراء وركوب السيارات الغالية بدلاً من الرخيصة، رسم الطريق من خلال أسماء المدن والقرى والأحياء في مسارات الطرق بين إمارات الدولة، المفردات والمصطلحات المتعلقة بالسيارة، اسم الموتور وأسماء أكثر من سيارة في بيت شعري واحد أو في القصيدة، وذكر أسماء السيارات في الأشعار).

* بدايات
في مدخل الكتاب نقرأ: «لم تعرف منطقة ساحل الإمارات المُهادن، التي أصبحت فيما بعد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، السيارات إلا في منتصف العقد الثاني من القرن العشرين، تحديداً في سنة 1924، حيث شهد هذا التاريخ وصول ودخول أول سيارة إلى هذه المنطقة، وتؤكد وثائق المخطوطات البريطانية أن أول سيارة دخلت إلى الدولة كانت من نوع فورد موديل تي، وكانت تسمى بو كلج في 14 أكتوبر 1924، وكانت ملكاً لعيسى بن عبداللطيف السركال وجاء بها من البحرين، التي كانت مقراً للوكالة، وكان الوكيل آنذاك خليل كانو، وتم شراؤها بـ 3748 روبية، وكانت تضم أربعة أبواب، وجاء بها إلى منطقة معيريض برأس الخيمة، وكان يتنقل بها بين منطقتي شمل وشريشة، حيث كانت له مزرعتان في هاتين المنطقتين».

ويذكر فهد المعمري الكثير من التفاصيل لأسماء شخصيات وقادة إماراتيين كانت لهم حظوة في اقتناء السيارات منذ ذلك التاريخ وما بعده، سواء عن طريق الشراء أو الإهداءات، مدعماً حديثه سواء من خلال الباحثين والرواة الموثوقين، أو من خلال المخطوطات والوثائق البريطانية، وهو لا يكتفي بذلك، بل يسرد تفاصيل كثيرة حول تأسيس الشركات، وقطع الغيار، ومحطات الغسل والكراجات، والوكالات الخاصة بالسيارات التي بدأت بالنشوء مع تنامي دخول السيارات إلى الدولة من شركات أمريكية وفرنسية ويابانية وغيرها، كما يسرد بالتفاصيل لشبكات الطرق الحديثة في الدولة وبدايات تأسيس شركات ووكالات وازنة أسهمت في التنمية، وكان لها دور في تسهيل حياة الناس الذين أصبحت السيارات جزءاً لا يتجزأ من احتياجاتهم الأساسية.

* أساليب

ذكر شعراء النبط السيارة في قصائدهم باسم «الموتر» للتدليل على أهميتها كوسيلة نقل في حياتهم اليومية، وتنوعت أساليبهم وتراكيبهم الشعرية في وصف قوة ومتانة السيارة، في تحمل البيئة الصحراوية والجبلية، فلجأ بعضهم في كيل المديح والثناء للسيارة، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في أشعار أحمد الكندي حيث يقول: صوبهم في خاطري سيرة.. فوق جيب يقطع الفية / ف الورش ما وظبوا قيره.. ولا تولوه العليمية / يطرب السواق في سيره.. لي ظرب دار خلاويه.

وقال الشاعر خميس السماحي: قم يا نديبي فوق مركوب.. جيب يدوس الرمل والقار / لي ما شكى من كل عذروب.. يرقى الجبل ويحوم الجوار.

ويقول السماحي في موضع آخر للتدليل على متانة الجيب: بيني وبينه بعد مرسوم.. ما يوصله ماشي وركاب / إلا أن كان م الجيبات مضمون.. يا اللي يزرق مثل العقاب / لي ف الخلا ما يمشي بهون.. يطرح ميه وعشرين بحساب.

* مهارة السائق

تناول شعراء النبط أشكالاً عديدة من متانة السيارة وقوتها، بين الشاعر محمد بن سوقات الذي يصف «الدريول- السائق» بأنه مهندس ويطلق عليه كلمة «نجنير-مهندس» وأنه خبير في القيادة فيقول: فاهم وعارف ونجنير.. عنده شهادات وخبير / مخصوص للموتر بصير.. وآنا أبه دريولي / وآنا عرفت انه دليل.. هادي وله عقل ثجيل / راضي معانا بالجليل.. لي بنحسب له يجبلي.

أما الشاعر أحمد خليفة الهاملي، فيؤكد أنه يريد «دريول» صاحب دراية واسعة، وعلم وخبرة بأساليب القيادة، فيقول: ومن بعد ذا شف لك رسيلي مركبة.. جيب يدوس الرمل والصماني / ودريوله عنده شهاده ومرتبه.. ماخذ عليها في الورش نيشاني.

* تفاصيل

تفاصيل كثيرة وردت على لسان شعراء النبط بشأن السيارات، وهي تركز على بلد الصنع واسم الوكيل وسنة الصنع ولون السيارة وغيرها، فها هو الشاعر محمد بن صبيح يقول: وهات م الجيبات ما زاني.. صبغته روحه محليها / شخص من ورد البريطاني.. والمكينة صنع واليها.

ويقول عبدالله بن عمير الشامسي: على متن جيب يطوي البيد والقفر.. صنعة مريكا ف السباريت زرفالي.

يؤكد فهد المعمري، أن مخيلة شعراء النبط قد ابتدعت فناً شعرياً جديداً يفاضل بين وسيلة النقل الحديثة وهي السيارة وبين الوسيلة القديمة وهي الجمل، كقول الشاعر سالم الكاس في تفضيله للجمل: ما تنمدح ع الهين جيبات.. لي هويرن والحر دوقات / ين بالوعر ما ين برستات.. داسن ديار العدو تغصيب / إن طحت زي وفيه غيًات.. يبن بك سيد الرعابيب / ذميتهن يضعيف الابخات.. ذمك ظهر ف الهين تكذيب.

وفي شأن التفاخر بالسيارات غالية الثمن وبشرائها من الوكالة رصدت أشعار نبطية أخرى هذا الجانب، كقول الشاعر عبدالله بن سالم بن نعمان الكعبي مؤكداً أن سيارته غالية وجديدة، فيذكر أنه تم شراؤها للتوّ، وهي غالية الثمن، وأيضاً من نوع «مرسيدس بنز»: يا طارشي من فوق توه انشرا.. بنز جديد غاليات أثمانه / أوصل إلى أخ كريم ينطرى.. يا اللي عى الطولات عالي شانه.

ويقول الشاعر سعيد بن ماجد بن راشد المنصوري: يوم شفت الزين من بدري سحب.. فوق سيت المورسدس يا بن حريف / سايق البنز الخضر تحت الطلب.. سيته الديباج والجوخ الخفيف / قلت له يا ليت من معكم ركب.. والتوى في حضن بو عود رزيف.

*اقتباسات

*عبدالله مجان أول من أسس كراجات للسيارات في دبي سنة 1938.

*عبدالله الدبل هو من أوائل من كانوا يمتلكون ورشة لغسل السيارات.

* قبل شق الطرق الحديثة، كان وادي حام الطريق الوحيد الذي ربط بين الفجيرة وإمارات الدولة.

*«تويو مينكا كيشا» كانت أول مصدر لتويوتا ونيسان في الإمارات والشرق الأوسط.

الناشر: معهد الشارقة للتراث

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nry6rwbw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"